مشروع التجنيس في مصر.. من المستهدف وما النتيجة المتوقعة؟
أصدر رئيس الوزراء المصري قراراً بتخفيف شروط حصول الأجانب على الجنسية المصرية في مقابل ودائع بالدولار الأمريكي. القرار لقي ترحيباً من البعض، فيما انتقده آخرون بشدة على اعتبار ان التجنيس مقابل المال ينتقص من مكانة مصر!
أصدر رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي قراراً يتم بمقتضاه تخفيف شروط الحصول على الجنسية المصرية. وينص القرار الجديد رقم 876 لسنة 2023 على تعديل قرار رئيس الوزراء رقم 3099 لسنة 2019 المنشور
بشأن تنظيم حالات منح الجنسية المصرية للأجانب وشروط الحصول عليها. وبموجب ذلك يجـوز لرئيس مجلس الوزراء مـنح الجنـسية المصرية لطالبها في حال انطبقت عليه الشروط ودفع مبالغ مالية تتراوح بين 100 إلى 500 ألف دولار حسب كل حالة من أربع حالات حددها القانون.
من المستهدف ومن المستفيد من القرار؟
حسب صحيفة الشروق المصرية يستهدف القرار بشكل أساسي المستثمرين الأجانب، وذلك مقابل شرائهم منشآت أو الاستثمار في شركات أو إيداع مبالغ مالية بالدولار، سعياً لجذب المزيد من العملة الصعبة.
وعلى موقع التواصل الاجتماعي يرى مدونون ونشطاء أن الأمر قد تستفيد منه فئات مختلفة كعدد من الفنانين الذين يواجهون عراقيل متعددة عندما يتعلق الأمر بتنظيم إقامة حفلات أو المشاركة في نشاط فني، فمن شأن الحصول على الجنسية المصرية أن يذلل الكثير من المصاعب التي تواجههم. ويرى آخرون أن الأمر ليس محفزاً لمن هم خارج مصر بقدر ما هو محفز لمن يعمل بداخلها كرجال الأعمال السوريين والعراقيين وغيرهم، وأن الحصيلة المتوقعة في الإجمال لن تمثل فارقاً كبيراً من الناحية المالية.
لكن هل يمكن أن تكون عملية تسهيل الحصول على الجنسية دافعاً ومحفزاً لمستثمرين وخصوصاً من الخليج للقدوم إلى مصر وضخ المزيد من الاستثمارات فيها؟ في هذا السياق يرى أحمد النجار الخبير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن "القرار لا يستهدف هؤلاء المستثمرين، وإنما هو موجه لمن يحتاجون إلى الجنسية المصرية مثل السوريين الموجودين في مصر وليس لمن تشكل الجنسية بالنسبة لهم مجرد ترف، لأن الخليجيين على سبيل المثال بإمكانهم أن يدخلوا مصر في أي وقت ولا يحتاجون للحصول على الجنسية".
ويضيف الخبير الاقتصادي من القاهرة في حواره مع DW عربية أن "المشكلة ليست في مسألة من الطرف الذي سيحتاج للحصول على الجنسية بقدر ما يتعلق الأمر بالنظر للجنسية باعتبارها محل للتجارة الدولية .. هذه تجارة خدمات دولية .. وهو شيء في الحقيقة مسيء للغاية في حق الجنسية عندما تُشترى".
على جانب آخر، أشار البعض على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مخاوف من احتمال نزع جنسية هؤلاء إذا ما تغيرت الظروف السياسية في مصر مستقبلاً، لكن أحد الحقوقيين (رفض ذكر اسمه) أكد ان مسألة نزع الجنسية ليست بهذه السهولة ولا العشوائية وتحكمها قوانين "وهي على حد علمي ثابتة إلى الآن ولم تتغير"، بحسب ما قال لـ DW عربية في حوار هاتفي.
انتقادات للقرار وتساؤلات عن أهدافه
يتساءل منتقدون للقرار عن الهدف منه وعن الأسباب التي يمكن أن تجعل شخصاً ما "يتلهف للحصول على الجنسية المصرية رغم كل ما فيها من مشاكل إلا إذا كانت له أهداف أخرى"، فيما حذر آخرون من حصول مواطني بعض الدول المتخاصمة مع مصر على الجنسية المصرية.
أحد المنتقدين للقرار كان المحامي المعروف خالد أبو بكر الذي كتب على صفحته بموقع فيسبوك إنه سيظل دائماً ضد منح الجنسية المصرية مقابل أموال، لافتاً إلى أنه "يكفي لأى مستثمر أن نمنحه الإقامة الدائمة هو وأسرته". وعلى الصفحة يبدي أبو بكر مخاوفه على الهوية المصرية من خلال فتح باب التجنيس للأجانب بهذا الشكل.
في سياق متصل يشير خبراء إلى أن بعض الدول تعتبر فكرة منح الجنسية أحد أهم مصادر الدخل الأجنبي. غير أن تحقيق هذا الهدف يتطلب على غرار ما فعلته أكثر من دولة عقد اتفاقيات مع دول ذات وزن على الساحة الدولية يتم بموجبها تقديم حوافز استثمارية كالتسهيلات الضريبية وخدمات الصحة والتعليم والطرق الحديثة بنوعية جيدة وأسعار محدودة. وفي هذا السياق ينبغي أيضا توفير بيئة قانونية وتشريعية تضمن حقوق المستثمرين، وهو ما يرى منتقدون أنه "غير متوافر بشكل مشجع" في مصر.
هنا وعلى ضوء أن البلاد في أمس الحاجة إلى العملة الصعبة يركز منتقدون على ضرورة تخفيف الإجراءات البيروقراطية التي ما تزال معقدة من وجهة نظر المستثمرين رغم جهود ومحاولات من قبل الدولة المصرية لتبسيطها. وهناك انتقادات قاسية واجهتها مصر من جانب الصحافة الأجنبية ومنظمات حقوقية عندما أُلقي القبض على أحد كبار رجال الأعمال وابنه. وفي خلفية ذلك تسربت معلومات تفيد بأنه تمت مفاوضته على مشاركة بعض رجال الدولة في استثماراته فرفض
ما أثار قلق المستثمر الأجنبي بحسب ما نشرت صحف ومواقع للتواصل الاجتماعي.