الموقف المصري دة صفحة مشبوه حتي لو كلامها صح**وثيقة ملكية الدولة.. رؤية وتحليل**
- في الأسبوع اللي فات عرض رئيس الوزراء وثيقة "سياسة ملكية الدولة" في إطار حوار مجتمعي تم مع مجموعة من المهتمين بالاقتصاد ومن المفترض أنه يتم إطلاق تطبيق إلكتروني إسمه " شارك" للحوار والنقاش حوالين الوثيقة.
- الوثيقة هي عبارة خطة الدولة للتخارج من بعض القطاعات الاقتصادية واستكمال استثماراتها في البعض الآخر، وده في حد ذاته شيء جديد وكويس إنه تم أخيرًا بعد سنين من المطالبة بيها من أطراف مختلفة منهم خبراء اقتصاديين لهم وزنهم، واللي كانوا شايفين تأثير مزاحمة الدولة للقطاع الخاص.
- إيه تفاصيل الوثيقة دي؟ وإيه مدى جدية الحكومة في خطط التخارج دي؟ وهل بالفعل تخارج الدولة من قطاعات هيحقق إشراك أكثر للقطاع الخاص؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست الحالي.
******
إيه أهم الحاجات في الوثيقة؟
- الوثيقة مكونة من ٤٨ صفحة، بتقول فيها الأهداف والأسباب اللي دفعت الدولة لإصدار الوثيقة دي، واللي هي نفس الأسباب اللي بيقولها صندوق النقد في تقارير المراجعة الدورية اللي بيقوم بيها، اللي هي تمكين القطاع الخاص من المنافسة وزيادة النمو وحوكمة الاقتصاد وغيرها، رغم إن دي كانت نصائح الكثيرين من قبل صندوق النقد.
- الوثيقة خطوة جيدة في سبيل الاعتراف بتأثير مزاحمة الحكومة في الاستثمارات في السنة الماضية في عدد من القطاعات، لكنها للأسف مفيهاش تفصيل للشركات اللي هيتم التخارج منها.
- في تفاصيل مهمة للقطاعات اللي بتسعى الدولة التخارج منها في خلال 3 سنوات، وتفاصيل للقطاعات اللي هيتم تثبيت الاستثمارات فيها وتخفيضها.
- لكن تحديد إيه هو المقصود بالشركات المملوكة للدولة ده شيء مهم جدا غاب عن الوثيقة، يعني هل الشركات المملوكة للدولة هي شركات قطاع الأعمال العام وهل الاستثمارات المقصودة هي استثمارات الحكومة من الموازنة أو استثمارات الهيئات الاقتصادية فقط؟
- يعني من المفترض ومن خلال كلام الخبراء وصندوق النقد وأي متابع جيد حتى للاقتصاد المصري أننا نشوف أنه المزاحمة جاية مش من ناحية القطاع العام بل من ناحية اقتصاد الجيش والمؤسسات السيادية الأخرى زي المخابرات العامة والداخلية مش بس شركات قطاع الأعمال المملوكة للدولة.
- رئيس الحكومة، والرئيس السيسي نفسه أكثر من مرة قال حاجات في السياق ده لما اتكلموا عن طرح شركات الجيش في البورصة.
- موضوع شركات الجيش والجهات السيادية سؤال جوهري بيحدد جدية الدولة ومصداقيتها في التراجع وفتح الباب للقطاع الخاص ولا الموضوع واقف عند شركات القطاع العام المملوكة للوزارات فقط.
- وبرغم من إنه الوثيقة هي اتجاه وخطة للدولة، مش صادرة في شكل قانون مثلًا لكن مفترض الدولة تلتزم بيها قدام القطاع الخاص والمجتمع والمؤسسات المانحة واللي هي غالبًا المستهدف الأساسي من الوثيقة.
- الوثيقة بتقسم القطاعات الاقتصادية لقطاعات هتتخارج منها الدولة بشكل نهائي، وقطاعات هتكمل فيها الدولة وهتزود استثماراتها، وقطاعات هيحصل فيها تخفيف للاستثمارات بدون خروج نهائي.
- في تخوف منطقي وطبيعي أنه يكون الهدف من الوثيقة في الوقت الحالي وفي ظل الأزمة المالية هي عملية تسييل أصول، ويكون من الأصول دي أصول إنتاجية تتباع بسعر رخيص جدا للمستثمرين سواء المحليين أو من الخليج، زي الفنادق الحكومية والموانئ اللي أعلن عنها رئيس الوزراء في مؤتمر الأزمة الاقتصادية.
- في تخوفات أيضا من توسع القطاع الخاص بعقلية البحث عن الربح في قطاعات زي التعليم والصحة من المفترض أنه الدولة تكون المستثمر الأكبر فيهم لتعظيم رأس المال البشري في البلد.
****
إيه مدى جدية الحكومة؟
- نائب رئيس الوزراء السابق زياد بهاء الدين طرح ملاحظتين مهمين حوالين الوثيقة:
- الأولى هو أنه الدولة حددت قطاعات وأنشطة ناوية تخرج منها زي قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والتشييد والبناء وصناعات كيميائية وغذائية ونسيجية وغيرها، وإنه في تخوف من زيادة الحماس في الوثيقة لأنه صعب الخروج من كل القطاعات دي في خلال ٣ سنين زي ما بتقول الوثيقة وده ممكن يضر بمصداقيتها.
- الملاحظة الثانية عن فكرة التخارج نفسها، هل هتكون بانسحاب تدريجي عن طريق منع أي استثمارات جديدة في المجالات دي ولا هتبيع الأصول والشركات الموجودة سواء لقطاع خاص أو لمستثمرين استراتيجيين - دول الخليج -، ولا هتحتفظ بالشركات كملكية بس هتطرحها للقطاع الخاص بنظام الشراكة؟
- في ملاحظات تانية مهمة وتفاصيل زي: هل هيتم ضخ استثمارات في الصناعات الكبيرة للدولة لو هي في قطاعات مكتوب أنه هيتم التخارج منها زي مثلا الدعاية والإعلان واللي مكتوب أنه هيتم التخارج منها خلال 3 سنوات في حين أنه المحتكر الأول لسوق الإعلان في مصر دلوقتي هي الشركة المتحدة التابعة للمخابرات !
- أيضا في الصناعات النسيجية بعد خطة التطوير اللي حصلت لصناعة الغزل والنسيج والاستثمارات اللي ضخت في خطة الإصلاح اللي عملها هشام توفيق واللي بيقول أنها تكلفت حوالي 24 مليار جنيه مكتوب في الوثيقة أنه الدولة هتتخارج من الصناعات دي في خلال 3 سنوات.
- أيضا ملاحظة مهمة على موضوع المزاحمة ده، بعيدا حتى عن المزاحمة جاية منين من استثمارات الجيش والأجهزة السيادية ولا من القطاع العام، هو تأثير المزاحمة في الوصول للتمويل، القطاع الخاص في مصر عنده مشكلة حقيقية في الوصول للتمويل بسبب أسعار الفائدة العالية وبسبب مزاحمة الحكومة في الاقتراض من البنوك.
- دلوقتي القطاع الخاص بيحصل على أقل من 25٪ من الائتمان المحلي في الاقتصاد بحسب بيانات صندوق النقد الدولي في 2021، ودي نسبة قلت من حوالي 50٪ من الإئتمان في 2011، والحكومة عن طريق القروض بتاخد تقريبا 75٪ من الإئتمان دلوقتي.
- فبالتالي مفيش منطق أننا نقول أنه المزاحمة هي مجرد وجود الدولة في قطاع ما، بدون حل مشكلة التمويل نفسها، لأنه ساعتها لو الدولة خرجت وفضلت تقترض بنفس المعدلات دي وتاخد حصريا تقريبا أموال المودعين في البنوك تدخلها في دائرة الديون بتاعتها فالقطاع الخاص مش هيلاقي قروض يشتغل ولا رأس مال يستثمر من خلاله.
******
- طبعًا موضوع دور الدولة في الاقتصاد محل جدل دايم، هل الدولة المفروض تكون بتدخل في صناعات محددة ولا كل الصناعات ولا بتسيب كل شيء للقطاع الخاص؟ في بلد زي مصر إحنا عندنا مشاكل بدائية، يعني معندناش قطاع عام حقيقي ولا قطاع خاص حقيقي بتحكمهم قواعد قانونية واقتصادية واضحة.
- يعني ببساطة في جهات سيادية في الدولة ليها امتيازات مبتاخدهاش أي جهات تانية في الأراضي والضرايب والعمالة وغيرها، وده بيخلق نوع من المنافسة غير العادلة اللي بيطفش القطاع الخاص والاستثمار الحقيقي من إنه يبقى موجود، وده بالأرقام بقى واضح جدًا إنه استثمارات القطاع الخاص في السنين الأخيرة اللي زاد فيها دور الجيش والأجهزة في الاقتصاد بقى تقريبًا الربع ٢٦٪ فقط من الاستثمارات الكلية، والباقي متروك للحكومة والأجهزة !
- وده بيضيع فرص عمل واستثمارات كتيرة جدًا، خاصة وإنه مفيش قواعد قانونية وممكن يحصل بطريقة ملهاش علاقة بالقانون زي اللي حصل مع صفوان ثابت كمثال على خطورة ده.
- كمان القطاع الخاص عندنا مش أفضل حاجة في الدنيا، هما برضه بيتهربوا من الضرايب ومبيأمنوش على العمالة وبيعملو تجاوزات كتير نتيجة برضه أنه مفيش قواعد قانونية بتتطبق على الكل، واللي بيكمل ويكبر هو اللي ليه شراكات مع الأجهزة وشخصيات نافذة فيها عشان يعرف يعمل ثروة.
- وده في النهاية بيدمر الاستثمارات الجادة والصناعات الحقيقية اللي أصحابها بيمشوا بالقواعد الطبيعية وبيدفعوا ضرايب وجمارك وتأمينات وغيرها من الالتزامات والمفروض ينافسوا الدولة بشركات الحكومة بشركات الأجهزة، وده وضع صعب جدًا يبني اقتصاد.
- عشان كده في أزمة زي اللي إحنا فيها هنلاقي الدولة بتستجيب أخيرًا لملاحظات وانتقادات صندوق النقد والمؤسسات الدولية، واللي هي ببساطة بتقول من سنين دور الجيش في الاقتصاد بيزيد بلا مبرر وده خطر، ونفس الكلام قاله خبراء كتير مصريين بأشكال مختلفة، خاصة وإنه الدولة بتدخل أنشطة مش استراتيجية بس عشان تعمل فلوس.
- ليه الدولة تدخل قطاع زي العقارات مثلًا؟ وليه الجيش يعمل مصانع غذاء؟ أو شركات مياه؟ أو محطات بنزين؟ وليه الدولة عاوزة تدخل سوق الألبان؟ كلها أنشطة القطاع الخاص يقدر يقوم بيها ويفعلها ويقويها ويستوعب فيها عمالة أكتر ويدفعوا ضرايب والاقتصاد بتاعنا يكبر وينمو.
- بشكل عام الوثيقة دي ممكن لو تم التعامل معاها بجدية تتحول لنقطة تحول في إصلاح الاقتصاد المصري، وممكن للأسف تتحول لحاجة شبيهة بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مجرد حبر على ورق، والغرض كسب وقت وقروض جديدة وتطويل لعمر الأزمة، ياريت الدولة تدرك صعوبة الوضع اللي بقينا فيه بسبب سياساتها في السنين الأخيرة واللي محتاجة إصلاح حقيقي، مش مجرد استعراض.
***
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
فعلا بس كلامهم عن الوثيقة مهمالموقف المصري دة صفحة مشبوه حتي لو كلامها صح
We use cookies and similar technologies for the following purposes:
Do you accept cookies and these technologies?
We use cookies and similar technologies for the following purposes:
Do you accept cookies and these technologies?