سامحني علي التأخر في الرد لكني اعاني من تضاعف اعراض الكحة والالام الجسم فيما يبدو انه كورونا ولا استطيع الكتابة تقريباً .. وبالأمس كتبت بعض النقاط المهمة حول الموضوع لكن للأسف هناك مشكلة في المسودات في المنتدي .. فلأكثر من مرة افقد بعض المسودات بعد حفظها وتضيع معها ردودي.
ساحاول ان اعيد صياغة ماكتبته سابقاً في شكل نقاط سريعة.
- موضوع حصول مصر علي المقاتلات الشرقية SU35 امر يكتنفه الغموض ويدور الأمر بين مصدق ومكذب فبينما يحلف البعض بأغلظ الإيمان ان المقاتلات هبطت علي أرض مصر بالفعل يقلب الطرف الأخر شفتيه في امتعاض قائلاً ان المقاتلات لم تستلمها مصر حتي الآن ولا يوجد مايثبت ان مصر استلمتها بالفعل .. ولكل طرف منهم اسانيد تبدو قوية لاخبار ومواضيع متناثرة هنا وهناك ..
- لاننسي أيضاً التحذير الواضح من الخارجية الأمريكية لمصر بشراؤها للمقاتلات الروسية فإنها قد تقع تحت طائلة العقوبات .. وهو تحذير تكرر مرات عديدة لكنه لم يصدر عندما استحوذت مصر علي طائرات اوروبية بقدرات اعلي مثل الرافال .
في نفس الوقت الذي دفعت فيه امريكا دولة اندونيسيا لعدم الاستمرار في عقد المقاتلات SU35 مع روسيا .. و قدمت في المقابل حوافز لشراء الطائرة الأمريكية المنافسة لها والأعلي قدرة ايضاً .. لكن هذا لم يكن متاحاً في حالة مصر .. لإن منح مصر سلاح يعتبر |رأس حربة| وهي الدولة الوحيدة المرشحة للدخول في نزاع مسلح مع اسرائيل في أي وقت هو بمثابة طعنة في الظهر للصهاينة .. خاصة وان امريكا تلتزم بحماية التفوق النوعي الصهيوني.. إذاً ماذا ستقدم الولايات المتحدة لمصر في المقابل ؟!
- يكمن السر في فهم اشكالية صفقة ال SU35 هو فهم وجهة النظر الأمريكية من اشكالية التسلح الشرقي لحلفاؤها عموماً .. ففي نفس الوقت الذي استحوذت فيه مصر علي معدات اوروبية خطيرة جداً علي أمن اسرائيل .. اكتفت الولايات المتحدة بالاعتراض المائع او الصمت التام عندما استحوذت مصر علي اسلحة اوروبية ..
فقد حصلت مصر علي صفقة غواصات من المانيا وهو مايعتبر سلاح استيراتيجي خطير جداً .. لكن هذا السلاح تم تمريره بموافقة اسرائيل نفسها ولم نسمع اي نوع من انواع الاعتراض الامريكي رغم ان هناك اعتراض هائل من الرأي العام الصهيوني - ومازال مستمراً - علي استحواذ مصر علي مثل هكذا منصات بحرية خطيرة قد تمثل مشاكل للبحرية الصهيونية في المستقبل
وحصلت مصر ايضاً علي طائرة الرافال بقدراتها المتقدمة للغاية ولم تقم الولايات المتحدة بحظر وصول المنصة لمصر بل في اقصي الأحوال منعت توريد مكونات بعض الصواريخ لفرنسا في اعتراض خجول وهو ما استعاضت عنه فرنسا بسهولة ووردت الصفقة لمصر كاملة ..
لهذا فإن الحصول علي اي طائرة متقدمة اوروبيا حتي ولو كانت ستمثل تهديداً علي الكيان الصهيوني قد تواجهه امريكا بالصمت او الاعتراض الضعيف في مقابل الا تشغل منصة شرقية قوية وهو مايطرح اتجاه مصر للحصول علي التايفون اكثر من اي وقت مضي.
الاخبار المتواترة تقول ان مصر استلمت خمس مقاتلات بالفعل
لكن هناك تضارب في الرأي من أن مصر ستستلم بقية المقاتلات أم لا .. حتي ان تحويل الصفقة لإيران او حتي الجزائر محل شك .. لكن الإشاعات منتشرة إن إيران هربت من برنامج العقوبات الامريكية (بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 ، كان من المقرر أن ينتهي حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر 2020) وانها ستتمكن من الحصول علي العقد المصري - بعد التهديد الأمريكي - واستلام 15 مقاتلة بشكل مباشر اوائل هذا العام والاستحواذ الكامل علي بقية العقد المصري ضمن صفقة ضخمة بقيمة 10 مليار دولار مع روسيا تشمل قمر صناعي لم يتم تحديد طبيعة عمله بعد (للمراقبة والاستخبارات أم للاتصالات)
الجيش الايراني يحتاج لتحديث عميق وايران ستبدأ بحملة عنيفة لتحديث جيشها .. والصفقات مع روسيا ليست الا بداية وينتظر ان تعقد ايران مع الصين صفقات اخري قوية قريباً.
الغريب ان الاخبار بخصوص صفقة المقاتلات المصرية تقول ان مصر وافقت علي تحويل العقد لمشتر ثانٍ .. حيث لم يتم كامل بناء الطائرات المنصوص عليها في العقد .. كما إن مصر دفعت جزء من قيمة الصفقة بالفعل .. ما يدل علي وجود توافق ثلاثي بين مصر وروسيا وايران حيث لم تشر الأخبار ان إيران ستدفع قيمة العقد لمصر .. بل ان ايران ستدفع مباشرة لروسيا ولم تشر الاخبار الي استعادة مصر لإموالها .. مايعني انه قد يتم اعادة استخدام الأموال في صفقة اخري (مجرد توقع)
لكني في النهاية استشهد بتقرير مهم اعدها معهد واشنطن للدراسات وهو يتناول الفكر الغربي تجاه الجيش المصري والدولة المصرية وخطورة فرض عقوبات علي جيش حليف .. يمكن تلخيص اهم النقاط التي وردت في هذه الدراسة كما يلي ":
- ان واشنطن بالغت في حجب تقنيات متقدمة او حتي متوسطة عن الدولة المصرية بحجة الحفاظ علي امن اسرائيل وهو ما اضر كثيراً بثقة الجيش المصري في الولايات المتحدة الأمريكية رغم التزامها بتقديم مساعدات سنوية للجيش المصري للحفاظ علي جاهزيته.
- المخاطر التي تواجه الدولة المصرية حالياً تعدت التخطيط للدخول في نزاع مع اسرائيل -والتي لم يعد ينظر لها المصريين بجدية اصلاً- واصبح هناك مصالح اكثر حساسية يستهدف المصريين حمايتها بعد دخول منافسين جدد للمصريين في منطقة شرق المتوسط (تركيا) ، واكتشاف ابار نفطية وغازية تدر المليارات من الدولارات .. وهو مايتطلب تطوير قدرات البحرية المصرية للعمل في المياه الزرقاء بدلاً من المياه البنية ... او ظهور ازمة سد النهضة في اقصي الجنوب ، وهو مايتطلب مقاتلات بمواصفات خاصة لتستطيع العمل عبر المسافات البعيدة بدلا من مقاتلاتها الحالية ذات الأرجل القصيرة F-16 .. وستحاول الدولة المصرية عن طريق واشنطن او غيرها تدبير المعدات اللازمة لحماية مصالحها.
- لقد تجرع المصريون لفترة طويلة مرارة ان يكون سلاح الجو لديهم ضعيف المستوي ولايمتلك انياب حقيقية .. لكن هناك مشكلة حقيقية برزت بعد فشل مفاوضات سد النهضة وهو مايهدد حياة الشعب المصري و إذا لجأت مصر إلى الخيار العسكري ، فإن القوات الجوية ستشعر بالضغط لتشغيل أسطول جوي بقدرة BVR لمواجهة أسطول التفوق الجوي الإثيوبي Su-27 Flanker ، والمسلح بصواريخ R-27 جو-جو التي مداها يفوق العصفور AIM-7 المصري .
- يعترف الامريكيون انهم قيدوا قدرات الجيش المصري ولاسيما القوات الجوية جداً .. فعلي الرغم من موافقة امريكا علي امداد عتاد جوي حساس لدول مجاورة لإسرائيل ( قطر والبحرين والمملكة العربية السعودية والأردن وعمان) وبعضها لم يعترف رسمياً باسرائيل .. رفضت امريكا مراراً امداد مصر بإي قدرات ذات شأن خاصة في المجال الجوي .. واكتفت بإمداده بطائرات F16 بلوك 40 تم تطوير بعضها لاحقاً .. وصواريخ من مخلفات الحرب الباردة .. فقد رفضت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة إمداد مصر بصواريخ جو - جو المصرية التي يزيد مداها عن 85 كيلومترًا ، وقيدت ترسانة الصواريخ الجوية المصرية الطويلة / المتوسطة إلى AIM-7 Sparrow و AIM-9 Sidewinders ذو المدي الأقل .. وهذه الصواريخ لم تعد فاعلة في أي قتال حالي خاصة انها تتطلب من المشغل أن يظل مقيدًا بالهدف لتسجيل ضربة ، مما يحرم الطيار من حرية الحركة أو المناورة بعد الإطلاق.
- ليس من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية تحول مصر عنها ولجؤوها للمعسكر الشرقي للحصول علي احتياجاتها العسكرية واعادة عصر جمال عبدالناصرخاصة انه بمجرد فرض اي نوع من انواع العقوبات علي مصر ستتحول مصر فوراً الي المعسكر الشرقي وستضيع عقود من الإنفاق والاستثمار في الجيش المصري والتعليم الغربي للضباط المصريين ليكون الجيش المصري مؤهل للتعامل بنفس النفط والأسلوب مع الجيش الأمريكي في حالة وجود خطر أمني يهدد المنطقة والحاجة لخدمات الجيش المصري لفرض الأمن في المنطقة (الكلام هنا يخص إيران).
- حصول مصر علي مقاتلة سيادة جوية من روسيا يعتبر الدواء المر الذي يجب ان يتناوله المصريون ويخاطروا به .. لانه لا هناك حلول أخري في الأفق .. بل انه لإجل ذلك بادر المصريون بابتكار نظام ادارة وتوجيه يجمع المعدات ذات المنشأ الشرقي والغربي سوياً .. ورغم انه لم تتضح قدرات هذا النظام بشكل واضح ، إلا انه يظهر جدية المصريين في الحصول علي الطائرة وانهم لن يتوقفوا كثيراً في حالة تطبيق اي عقوبات امريكية عليهم .. فالأتراك مثلاً حصلوا علي نظام S400 رغم عدم حاجتهم فعلياً له لمجرد النكاية السياسية مع امريكا .. لذا فالوضع مع المصريين الأكثر حاجة لهذه المعدات سيصبح اكثر صرامة.. خاصة انه لا أمل يلوح في الأفق يدل علي امكانية حصولهم علي مقاتلة F35 رغم وعود ترامب الشفهية لهم سابقاً.
- لا تزال مصر تعتبر نفسها حليفًا استراتيجيًا لا غنى عنه للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتشارك الولايات المتحدة أهداف السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يتجاوز التعاون العسكري الأمريكي المصري صفقة شراء المعدات العسكرية ، حيث تمنح مصر الولايات المتحدة وصولًا لوجستيًا تفضيليًا عبر مجالها الجوي وقناة السويس ، وهو أمر ضروري للحفاظ على الوجود الأمريكي في الخليج. وبالمثل ، تعد مصر من بين القوى العسكرية الفعالة القليلة جدًا في الشرق الأوسط التي لديها القدرة على مواجهة النفوذ الإقليمي الإيراني المتزايد الذي امتد إلى العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن بشكل فعال. على هذا النحو ، فإن فهم المنظور العسكري المصري لا يزال مهمًا ؛ يرى الجيش المصري أن أنظمة وذخيرة أقوى لمصر ضرورية للعمل بفعالية في انسجام مع الولايات المتحدة ومع حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في المنطقة ، وللحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
مايمكن ان استشفه من هذه الدراسة ان امريكا - لن نقول مجبرة - ولكن لديها تفهم واستعداد لصدمة استحواذ مصر علي مقاتلات تفوق جوي من دول اخري غيرها .. وإنها قد تمارس بعض الضغط الضعيف لمواجهة الاعتراض الصهيوني المتوقع علي اي صفقة من هذا النوع.. لكن قد نري هذا التعويض في صفقة التايفون المتوقع عقدها في صفقة القرن وحزمتها التسليحية .. او حتي غض الطرف عن استحواذ مصر علي مقاتلات السو 35..
واقتبس من التقرير هذه الجملة بترجمتها الحرفية :
< فإن وزن هذه المخاوف يشير أيضًا إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تشجع مصر على إعادة النظر في صفقة Su-35 إذا كانت على استعداد لتقديم بدائل مناسبة تلبي متطلبات القوات الجوية المصرية - دون المساومة على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. من المرجح أن يجد الجيش المصري بديلاً مقبولاً خارج أماكن F-35 المتقدمة التي اشترتها إسرائيل مؤخرًا. بدلاً من ذلك ، من المرجح أن يرى الجيش المصري أنظمة وذخائر أقدم لكنها فعالة مثل تلك المباعة إلى المملكة العربية السعودية وقطر ، بما في ذلك مقاتلة التفوق الجوي AIM-120 AMRAAM BVR و F-15 الثقيلة الوزن.>