https://www.facebook.com/
كندا والأحكام العرفية -١
الثلاثاء ٢٢-٢-٢٠٢٢
جوجل تعرف الاحكام العرفية كالتالي:” تتضمن الأحكام العرفية الاستبدال المؤقت للسلطة العسكرية بالحكم المدني وعادة ما يتم الاحتجاج بها في أوقات الحرب أو التمرد أو الكوارث الطبيعية. … علاوة على ذلك ، تعلق الأحكام العرفية جميع القوانين القائمة ، وكذلك السلطة المدنية والإدارة العادية للعدالة.”
مساء يوم الثلاثاء ١٥ فبراير الحالي أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو حالة الطوارئ العامة وبتطبيق الأحكام العرفية وهذه القرارات تتضمن:
(١)
“تمكين شرطة الخيالة الملكية الكندية RCMP من أن تتمتع بالاختصاص القضائي لإنفاذ اللوائح البلدية والجرائم الإقليمية ؛”
وهذا يعني أنه أعطى للقوة الشرطية الفدرالية السلطة للقيام بالأعمال الشرطية في الولايات المختلفة وأن الشرطة الخاصة بالولاية تتبع أوامر الشرطة الفدرالية التي تتبع أوامر الرئاسة.
حظر المشاركة في أي تجمع عام يعتبر فيه انتهاكًا للسلام ويتجاوز الاحتجاج القانوني ، بما في ذلك تقييده السفر إلى منطقة معينة أو منها أو داخلها ؛”
وبذلك يكون منع التظاهر والإحتجاج الذي يراه أنه يتجاوز السلام أو القانون أو يقيد السفر أو التنقل من مكان لآخر. ومن الواضح أن هذا يصف تماماً إحتجاج سائقي الشاحنات.
تنظيم أو حظر استخدام ممتلكات معينة ، بما في ذلك السلع المستخدمة لدعم عمليات الحصار ؛”
وهذا يعني أن للشرطة حق السماح أو المنع لأي سلع مستخدمة في الإحتجاج الذي أسمته بعمليات الحصار وهذه السلع قد تكون الوقود أو حتى الأكل والشراب والممتلكات تعني الشاحنات نفسها إو المكان الذي تقف فيه.
تحديد أماكن وبنية تحتية آمنة ومحمية ذات أهمية بالغة للاقتصاد مثل المعابر الحدودية والمطارات “
وهذا يعني أن هناك اماكن ستحددها الشرطة على أنها اماكن محمية مثل المعابر والحدود والمطارات حيث تعتبر من ينتهكها معتدي على القانون ويعاقب
إجبار أولئك القادرين على تقديم الخدمات الأساسية لإعادة إحياء الحواجز بتعويض معقول ، بما في ذلك “الخدمات المتعلقة بإزالة وسحب وتخزين أي معدات أو هيكل أو أي شيء آخر يشكل جزءًا من حصار في أي مكان في كندا؛”
وهذا يعطي الحق للشرطة على إجبار أي شخص لديه مكان أو قدرة على العمل للقيام برفع الحواجز وذلك مقابل تعويض “معقول” ويتضمن ذلك سحب الشاحنات وتخزينها وأي شيء اخر تعتبرة الشرطة يشكل حصار وذلك في أي مكان في كندا
السماح للمؤسسات المالية بوقف جهود التمويل بشكل أساسي ، بما في ذلك التحرك لتجميد أو تعليق الحسابات أو الأصول التابعة للاحتجاج ومطالبة منصات التمويل الجماعي بالإبلاغ عن معاملات معينة
وهذا القرار في منتهى الخطورة إذ يعطي تكليف للمؤسسات المالية والبنوك بإيقاف أي تبرعات لمثل هذه الحركات الإحتجاجية وذلك بتجميد أو إيقاف الحسابات الممولة للاحتجاجات وعلى منصات التمويل الجماعي الإبلاغ عن الممولين كي تتمكن البنوك من تجميد حساباتهم سواء شخصية أو خاصة بالعمل.
وفرض غرامات تصل الى ٥٠٠٠ دولار أو السجن لمدة تصل لخمس سنوات على من يخالف أياً من الأوامر المذكورة إعلان
وهنا تقوم الحكومة بفرض غرامات تصل لخمسة الاف دولار أو السجن لمدة تصل لخمس سنوات على من يخالف كل ما سبق. لكن أخطر ما في كل هذه القرارات هو القرار الاخير.
كما أنه يترك الباب مفتوحًا أمام الإمكانات غير الموصوفة والتي من المحتمل أن تكون واسعة النطاق للحكومة لسن “تدابير مؤقتة أخرى … لم تُعرف بعد”.
وهذا يعنى فتح الباب على مصراعيه للحكومة لإتخاذ أي تدابير أو قرارات أخرى واسعة النطاق كما يتراءى لها.
وبذلك نرى أن رئيس الوزراء قد لغى التعامل بالقانون المدني ويطبق أحكام عرفية وركز السلطة في يده والحكومة الفدرالية وألغى السلطات المحلية لكل ولاية. وهذا ما أعلنته نائبته في الرابط التالي.
(٢)
الجدير بالذكر أن سائقي الشاحنات كانوا مرابطين حول المعابر الحدودية المؤدية لأمريكا والتي پإغلاقها أثرت على صناعة السيارات في أمريكا لعدم شحن قطع التصنيع التي تحتاجها من كندا. فحاصرت شرطة الولاية هؤلاء السائقين وصادرت كل مخزونهم من الوقود وبدأت تتعنت مع كل من الأهالي الذين يطعموهم. ولكن لم توجد أي مظاهر عنف بل بالعكس الجو السائد كان جو إحتفالي أكثر من أي شيء آخر . ولكن في أثناء عطلة نهاية الأسبوع تسلل لداخل قافلة السائقين بعض الأفراد الذين بدأوا يحاولون إقناعهم بفض الإعتصام وكانوا هؤلاء من ساعدوا الشرطة في فتح المعبر. وكانت الشرطة قد طلبت من أصحاب شركات سحب السيارات المساعدة في سحب الشاحنات ولكن رفضت هذه الشركات. ولذا أحد القرارات خص هؤلاء بإجبار المساعدة وإلا الغرامة أو الحبس.
وفي خبر مثير للتخوف أعلنت الشرطة يوم الأحد ١٣ الجاري عن سرقة شاحنة بمقطورة تحمل ٢٠٠٠ قطعة سلاح لكن بدون الذخيرة الخاصة بهم. وكان هناك إشتباه في أن هذه السرقة قد قام بها سائقي الشاحنات المحتجين على التطعيم الإجباري ، فقام أحد قيادات السائقين بقرأة تصريح بالنيابة عنهم يؤكد فيه أنه لا توجد أي أسلحة لديهم وأنهم يحتجّون بسلام وأنه لو حاول أي شخص إدخال إي سلاح لهم سيبلغوا عنه كل الجهات المختصة.
(٣)
ويبدو أنه كان هناك تخوف لدي السائقين من إفتعال عمل راية خادعة وإتهامهم بسرقة الشاحنة التي بها هذا العدد الكبير من الأسلحة. ولكن تمكنت الشرطة من القبض على أحد السارقين للشاحنة وأفادت انه لا علاقة له بسائقي الشاحنات المحتجين. ولكنها بعد ذلك القت القبض علي من قرأ البيان على أنه أحد قيادي الإحتجاج.
الجدير بالذكر أن رئيس الشرطة لولاية اونتاريو قد قدم إستقالته ويبدو أنه إحتجاجاً على القرارات التي أصدرها ترودو تلغي سلطاته وتعتبر شرطة الولاية تابعة للشرطة الفدرالية. وغير معروف مدى تبعات مثل هذه القرارات التي تعتبر غاية في التعسف من الحكومة وكيف سيستقبلها حكام الولايات والعاملين فيها لأنها تعتبر إلغاء لسلطاتهم داخل ولاياتهم. وطبعاً ما ينتظر سائقي الشاحنات المحتجين من عقوبات إقتصادية قد تجمد حساباتهم.
ما يقوم به ترودو الآن في كندا هو إنقلاب على الدستور والقوانين وبدون أي سبب حقيقي يدعو لذلك إذ أن الإحتجاجات ليست عنيفة ولا تطالب بقلب نظام الحكم ولكنها تطالب بتطبيق الدستور والقانون الحامي لحقوق وحريات الشعب. وهنا نرى فيما يقوم به ترودو اليد العليا للنخبة التي تريد تطبيق النظام العالمي الجديد بهدم الإقتصاد والمجتمع والنظام السياسي والقانوني للدولة. بدأ ترودو يتكلم على أن الإحتجاجات تريد هدم نظام الحكم في كندا وهذا غير صحيح ولكنها الذريعة التي إتخذها لتطبيق حالة الطوارئ والأحكام العرفية التي تعطيه مطلق الحرية في كسر كل القوانين والدستور الكندي.
ما يحدث في كندا الآن في منتهى الخطورة لأن ها هي واحدة من أكبر الدول الغربية تتحول من معقل للحرية والديمقراطية إلى بلد تحكم بالقانون العسكري وبالحديد والنار. والمشكلة الأكبر أنه لم يسمع صوت واحد من القضاء يحتج على إلغاء الدستور والقوانين المكملة له وهذا يعنى أن القضاء أيضاً ، مثله مثل البرلمان ، قد تم السيطرة عليهم ويتركون السلطة التنفيذية – الحكومة – لتطبق النظام الجديد. وأن الفئة الوحيدة التي تقاوم ذلك هي أفراد الشعب والذي هو الضحية لكل خطط النظام الجديد.
وهذا يذكرنا بما يحدث في أستراليا والذي ساتطرق له في مقال الخميس.
ولكن مقال الغد إستكمالاً لتطورات الوضع في كندا.