- إنضم
- 11 ديسمبر 2022
- المشاركات
- 1,853
- مستوى التفاعل
- 5,063
- المستوي
- 1
- الرتب
- 1
كيف تصبح دولة ما قوة عظمى؟
العوامل الحقيقية في نهوض الأمم وسقوطها
أدى
من فضلك,
تسجيل الدخول
أو
تسجيل
لعرض المحتوي!
وتأييد الصين الضمني ذلك العنف الهادف إلى تقويض النظام العالمي إلى تكثيف المنافسة الاستراتيجية في العالم، التي باتت اليوم تتصدر سياسات الأمن القومي الأميركية. إن ما بدا ربما حتى هذه اللحظة أشبه بتحد تجريدي وضبابي، قد غدا فجأة تحدياً حقيقياً وطارئاً وخطيراً. وفي رد فعل على ذلك، عمد عديد من المسؤولين والمحللين الأميركيين إلى دعوة الولايات المتحدة لتعزيز قدراتها العسكرية وتقوية دفاعاتها والاستثمار في مضمار التكنولوجيات الأساسية. ووفق هؤلاء يتوجب على واشنطن أن تكون جاهزة مرة أخرى كحالها دوماً أمام امتحان الإرادة، سواء تمثل ذلك بحروب بالوكالة أو تحديات أخرى أمام شبكة التحالفات الأميركية وشراكاتها الأمنية. ووفق وجهة النظر المذكورة يعتمد النجاح في مسابقة القوة العظمى هذه على مراكمة الانتصارات في سلسلة من التنافسات المنفصلة لإثبات التفوق.بيد أن التاريخ يقدم درساً مختلفاً، إذ لا تنتصر الأمم في المنافسات الدائمة بالدرجة الأولى بفضل امتلاك تكنولوجيا وقدرات عسكرية متفوقة، ولا حتى عبر فرض إرادتها في كل أزمة أو حرب، فقد تقترف
من فضلك,
تسجيل الدخول
أو
تسجيل
لعرض المحتوي!
أخطاء عدة، قد تخسر الحروب، وتخسر الحلفاء، وتخسر حتى تفوقها العسكري، لكنها تعود وتنتصر في المنافسات الطويلة الأمد، إذ إن الفارق الجوهري في الصراع من أجل التفوق الذي تخوضه القوى العالمية لا يتمثل بالقوة العسكرية أو الاقتصادية بل بالميزات والصفات الأساسية التي تسم المجتمع، أي تلك الخصائص الكامنة في الأمة والتي تولد مظاهر الإنتاجية الاقتصادية والابتكارية التكنولوجية والتماسك الاجتماعي والإرادة الوطنية.لا يمثل الأمر طبعاً فكرة جديدة، فطوال عقود تحدث سياسيون ومثقفون وخبراء أميركيون كثيرون عن فكرة أن الجبهة الداخلية الحيوية والمرنة تمثل أساس النجاح في الخارج، لكن خلف مثل هذه الشعارات المبهمة ثمة خصائص وطنية محددة يمكن لعلماء الاجتماع تعيينها وقياسها. ولقد ترأست على مدى 15 شهراً دراسة نهضت بها "مؤسسة راند" RAND Corporation لصالح "دائرة شبكة التقييم" التابعة لوزارة الدفاع الأميركية. وقد استفادت الدراسة من تحليلات مؤرخين مستقلين تضمنت المراجعات والتقييمات المطلوبة. ومن خلال الاعتماد على سوابق تاريخية درسناها وأبحاث في مظاهر تطورات اقتصادية وتكنولوجية، ومجالات أخرى كثيرة غيرها، عملنا على تحديد عدد من الخصائص الوطنية التي مثلت عبر التاريخ أساساً لنجاح الأمم في خضم التنافس. وتتضمن تلك الخصائص وجود طموح وطني قوي، وثقافة التحصيل العلمي والتكيف، وبروز تنوع وتعددية مؤثرين.
وتشكل تلك النواحي من القوة الداخلية مداميك بناء القوة الدولية، لكن كي تؤدي نواحي القوة المذكورة إلى تمكين البلد الذي يمتلكها من النجاح ينبغي عليها أن تتضافر وتدعم بعضها بعضاً. كذلك يتوجب عليها أن تحافظ على التوازن في ما بينها، إذ إن الطموح الوطني الزائد على حده، مثلاً في بلد ما، قد يؤدي به إلى تولي مهام تتجاوز قدراته الحقيقية، والمبالغة في قوته وتعريض نفسه للخطر. في المقابل تكون البلدان المحدودة الطموح والقليلة التنوع والعديمة الانفتاح تجاه التعلم والتكيف عرضة للدخول في دورة سلبية، يمكن أن تؤدي إلى الانحلال والتدهور على الصعيد الوطني. في هذا الإطار تجد الولايات المتحدة نفسها اليوم قاصرة تجاه عدد من الميزات التي عززت نهوضها خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وإذا أرادت [الولايات المتحدة] استعادة ميزتها التنافسية، والتفوق في منافستها الراهنة مع الصين وروسيا، سيكون عليها القيام بأشياء تتخطى مجرد التفوق على المنافسين من ناحية الإنفاق على التكنولوجيات الدفاعية والعسكرية المتطورة، إذ سيكون عليها رعاية وتعزيز الميزات التي تجعل القوى العظمى قوى دينامية وخلاقة وقادرة على التكيف.