- إنضم
- 30 نوفمبر 2021
- المشاركات
- 10,778
- مستوى التفاعل
- 29,569
- النقاط
- 43
- المستوي
- 10
- الرتب
- 10
التاريخ السري لتآمر بريطانيا مع الأصوليين، كتاب من تأليف مارك كورتيس، ترجمة كمال السيد، نشره المشروع القومي للترجمة في 2012.
مقدمة
مقدمة تقول وكالات المخابرات البريطانية إنها حالت دون تنفيذ اثنتي عشرة مؤامرة إرهابية في بريطانيا عبر العقد الماضي، وتدعي أنه كان يوجد بها 2000 إرهابي مشتبه به معروف في 200 شبكة. ويحذر المسؤلون عن محاربة الإرهاب من احتمال وقوع غارات هائلة مذهلة وعمليات إطلاق للنيران وأسر للرهائن ينخرط فيها قتلة محترفون مزودون بالقنابل. والواقع أنه تسهل المبالغة في مدى التهديد الإرهابي لأسباب سياسية – فعلى سبيل المثال، اتهمت المديرة السابقة، بجهاز المخابرات الداخلية ستيللا رمنجتون، الحكومة "بترويع الناس بغية التمكن من إصدار قوانين تقيد الحريات المدنية.
لكن من الواضح أن بريطانيا، إلى جانب بلدان غريبة كثيرة أخرى تواجه تهديداً من الجماعات الإسلامية المتطرفة. فقد شكل تفجير القنابل في لندن في يوليو 2005، الذي قتل 52 شخصاً وجرح مايقرب على 700، أسوأ الفظائع الإرهابية التي ارتكبت على الأرض البريطانية وأول هجوم "ناجح يشنه الإسلميون في بريطانيا.
وقد أدانت المحاكم البريطانية ما يربو على 80 شخصاً خططوا لقتل مواطنين بريطانيين في أعمال إرهابية. وفي الوقت نفسه، فإن أبرز شخصية عسكرية في بريطانيا أسمت التهديد الذي يشكله التطرف الإسلامي" صراع جيلنا – وأنه ربما يشكل حرب الثلاثين عاماً الخاصة بنا.
وقد كانت الكيفية التي وصلنا بها لهذا الحد موضع بحث وتأمل في وسائل الإعلام. وقدمت إجابات شتى عن كيف "يمكن لمواطنين بريطانيين تربوا في الداخل أن يتحولوا للعنف الإرهابي ويصبحوا مستعدين لتفجير أنفسهم؟" وينحى معلقو الجناح اليميني باللائمة على نحو نموذجي، على الثقافة الليبرالية البريطانية، محاجين بأن القوانين لم تكن متشددة بما يكفي لدحر التطرف، بل ويدعون حتى إن التعددية الثقافية قد حعلت من المستحيل التصدي لأشخاص يدينون بعقيدة مختلفة.
لقد تعرضت الحكومة لهجوم واسع منذ 7 يوليو لفشلها على مر السنين في دحر عدد من المتطرفين الإسلاميين في بريطانيا – وأشهرهم أبو حمزة، الخطيب السابق لجامع فنسبري بارك في شمال لندن، الذي سمح له بأن يدعو علانية شباناً مسلمين كثيرين للجهاد العنيف.
ويرى آخرون، وكثيرون منهم من اليسار السياسي أن التهديد الإرهابي أذكته التدخلات العسكرية البريطانية في العراق وأفغانستان وتحيز هوايتهول لإسرائيل في النزاع في فلسطين المحتلة. فلا ريب أن تلك عوامل أساسية، يدركها تماماً المسئولون البريطانيون، ففي ابريل 2005 مثلاً، ذكرت لجنة المخابرات المشتركة في تقرير تم تسريبه في العام التالي، أن النزاع في العراق "فاق خطر الإرهاب الدولي وأنه يواصل تأثيره في الأجل الطويل.
ذلك أنه قوى عزيمة الإرهابيين الذين كانوا قد التزموا بالفعل بمهاجمة الغرب وحفز آخرين لم يكونوا كذلك". وقد أعقب هذا تقرير مشترك لوزارتي الداخلية والخارجية بعنوان "المسلمون الشبان والتطرف" جرى تسريبه بدوره وذكر أن هناك "ازدواجاً في المعايير" يتصوره كثيرون من المسلمين في بريطانيا، ممن يعتقدون أن السياسة الخارجية البريطانية في أماكن مثل العراق وأفغانستان وكشمير والشيشان "تعادي الإسلام".
لكن هناك حلقة كبيرة مفقودة في هذا التعليق، فإسهام بريطانيا في صعود التهديد الإرهابي يتجاوز كثيراً تدخلاتها الحالية التي تعد كارثة في الشرق الأوسط. فالقصة الأكثر أهمية التي يسعى هذا الكتاب إلى روايتها، هي أن الحكومات البريطانية، من العمال والمحافظين على حد سواء في سعيها لتحقيق ما يسمى "المصلحة الوطنية" في الخارج، تواطأت عقوداً طويلة مع القوى الإسلامية الممتطرفة، بما في ذلك التنظيمات الإرهابية، فقد تسترت عليها، وعملت إلى جانبها وأحياناً دربتها ومولتها، بغية الترويج لأهداف محددة للسياسة الخارجية. وغالباً ما فعلت الحكومات ذلك في محاولات يائسة للحفاظ على قوة بريطانيا العالمية التي عانت من أوجه ضعف متزايدة في مناطق أساسية من العالم، نظراً لعجزها عن أن تفرض إرادتها من جانب واحد وافتقارها لحلفاء آخرين. ومن ثم فالقصة ترتبط في الصميم بقصة انهيار الإمبراطورية البريطانية ومحاولة الإبقاء على نفوذها في العالم.
وقد أقامت بريطانيا مع بعض هذه القوى الإسلامية، المتطرفة تحالفاً استراتيجياً دائماً لضمان تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأساسية طويلة الأجل. وقد أشار بعض المحللين إلى أن الولايات المتحدة تعهدت أسامة بن لادن والقاعدة، لكن هذه التقارير خلت من الحديث عن دور بريطانيا في تشجيع الإرهاب الإسلامي على الدوام، ولم تجر رواية القصة كاملة مطلقاً. ومع ذلك فقد كان تأثير هذا التواطؤ على صعود التهديد الإرهابي أشد من تأثير الثقافة الليبرالية البريطانية أو الإلهام بالجهاد الذي أثاره احتلال العراق.
مقدمة
مقدمة تقول وكالات المخابرات البريطانية إنها حالت دون تنفيذ اثنتي عشرة مؤامرة إرهابية في بريطانيا عبر العقد الماضي، وتدعي أنه كان يوجد بها 2000 إرهابي مشتبه به معروف في 200 شبكة. ويحذر المسؤلون عن محاربة الإرهاب من احتمال وقوع غارات هائلة مذهلة وعمليات إطلاق للنيران وأسر للرهائن ينخرط فيها قتلة محترفون مزودون بالقنابل. والواقع أنه تسهل المبالغة في مدى التهديد الإرهابي لأسباب سياسية – فعلى سبيل المثال، اتهمت المديرة السابقة، بجهاز المخابرات الداخلية ستيللا رمنجتون، الحكومة "بترويع الناس بغية التمكن من إصدار قوانين تقيد الحريات المدنية.
لكن من الواضح أن بريطانيا، إلى جانب بلدان غريبة كثيرة أخرى تواجه تهديداً من الجماعات الإسلامية المتطرفة. فقد شكل تفجير القنابل في لندن في يوليو 2005، الذي قتل 52 شخصاً وجرح مايقرب على 700، أسوأ الفظائع الإرهابية التي ارتكبت على الأرض البريطانية وأول هجوم "ناجح يشنه الإسلميون في بريطانيا.
وقد أدانت المحاكم البريطانية ما يربو على 80 شخصاً خططوا لقتل مواطنين بريطانيين في أعمال إرهابية. وفي الوقت نفسه، فإن أبرز شخصية عسكرية في بريطانيا أسمت التهديد الذي يشكله التطرف الإسلامي" صراع جيلنا – وأنه ربما يشكل حرب الثلاثين عاماً الخاصة بنا.
وقد كانت الكيفية التي وصلنا بها لهذا الحد موضع بحث وتأمل في وسائل الإعلام. وقدمت إجابات شتى عن كيف "يمكن لمواطنين بريطانيين تربوا في الداخل أن يتحولوا للعنف الإرهابي ويصبحوا مستعدين لتفجير أنفسهم؟" وينحى معلقو الجناح اليميني باللائمة على نحو نموذجي، على الثقافة الليبرالية البريطانية، محاجين بأن القوانين لم تكن متشددة بما يكفي لدحر التطرف، بل ويدعون حتى إن التعددية الثقافية قد حعلت من المستحيل التصدي لأشخاص يدينون بعقيدة مختلفة.
لقد تعرضت الحكومة لهجوم واسع منذ 7 يوليو لفشلها على مر السنين في دحر عدد من المتطرفين الإسلاميين في بريطانيا – وأشهرهم أبو حمزة، الخطيب السابق لجامع فنسبري بارك في شمال لندن، الذي سمح له بأن يدعو علانية شباناً مسلمين كثيرين للجهاد العنيف.
ويرى آخرون، وكثيرون منهم من اليسار السياسي أن التهديد الإرهابي أذكته التدخلات العسكرية البريطانية في العراق وأفغانستان وتحيز هوايتهول لإسرائيل في النزاع في فلسطين المحتلة. فلا ريب أن تلك عوامل أساسية، يدركها تماماً المسئولون البريطانيون، ففي ابريل 2005 مثلاً، ذكرت لجنة المخابرات المشتركة في تقرير تم تسريبه في العام التالي، أن النزاع في العراق "فاق خطر الإرهاب الدولي وأنه يواصل تأثيره في الأجل الطويل.
ذلك أنه قوى عزيمة الإرهابيين الذين كانوا قد التزموا بالفعل بمهاجمة الغرب وحفز آخرين لم يكونوا كذلك". وقد أعقب هذا تقرير مشترك لوزارتي الداخلية والخارجية بعنوان "المسلمون الشبان والتطرف" جرى تسريبه بدوره وذكر أن هناك "ازدواجاً في المعايير" يتصوره كثيرون من المسلمين في بريطانيا، ممن يعتقدون أن السياسة الخارجية البريطانية في أماكن مثل العراق وأفغانستان وكشمير والشيشان "تعادي الإسلام".
لكن هناك حلقة كبيرة مفقودة في هذا التعليق، فإسهام بريطانيا في صعود التهديد الإرهابي يتجاوز كثيراً تدخلاتها الحالية التي تعد كارثة في الشرق الأوسط. فالقصة الأكثر أهمية التي يسعى هذا الكتاب إلى روايتها، هي أن الحكومات البريطانية، من العمال والمحافظين على حد سواء في سعيها لتحقيق ما يسمى "المصلحة الوطنية" في الخارج، تواطأت عقوداً طويلة مع القوى الإسلامية الممتطرفة، بما في ذلك التنظيمات الإرهابية، فقد تسترت عليها، وعملت إلى جانبها وأحياناً دربتها ومولتها، بغية الترويج لأهداف محددة للسياسة الخارجية. وغالباً ما فعلت الحكومات ذلك في محاولات يائسة للحفاظ على قوة بريطانيا العالمية التي عانت من أوجه ضعف متزايدة في مناطق أساسية من العالم، نظراً لعجزها عن أن تفرض إرادتها من جانب واحد وافتقارها لحلفاء آخرين. ومن ثم فالقصة ترتبط في الصميم بقصة انهيار الإمبراطورية البريطانية ومحاولة الإبقاء على نفوذها في العالم.
وقد أقامت بريطانيا مع بعض هذه القوى الإسلامية، المتطرفة تحالفاً استراتيجياً دائماً لضمان تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأساسية طويلة الأجل. وقد أشار بعض المحللين إلى أن الولايات المتحدة تعهدت أسامة بن لادن والقاعدة، لكن هذه التقارير خلت من الحديث عن دور بريطانيا في تشجيع الإرهاب الإسلامي على الدوام، ولم تجر رواية القصة كاملة مطلقاً. ومع ذلك فقد كان تأثير هذا التواطؤ على صعود التهديد الإرهابي أشد من تأثير الثقافة الليبرالية البريطانية أو الإلهام بالجهاد الذي أثاره احتلال العراق.