محكمة العدل الدولية: ما أبرز ما قالته كل من جنوب أفريقيا وإسرائيل؟
صدر الصورة،GETTY IMAGES
التعليق على الصورة،
تتهم جنوب أفريقيا إسرائيل بأنها تمارس "الإبادة الجماعية" ضد الفلسطينيين في غزة
Article information
- Author,عاطف عبد الحميد
- Role,بي بي سي - القاهرة
- 12 يناير/ كانون الثاني 2024
أبدت إسرائيل اعتراضها الشديد على ما جاء في الدعوى المقدمة ضدها من قبل جنوب أفريقيا، والتي تتهمها فيها بارتكاب ممارسات "إبادة جماعية". ووصف الدفاع الإسرائيلي ما جاء من اتهامات في عريضة الدعوى المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بأنه "صورة مشوهة للغاية واقعياً ومنطقياً".
جاء ذلك في اليوم الثاني من جلسة استماع أمام المحكمة تقدم فيها إسرائيل دفاعها عن نفسها في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضدها.
وقال دفاع إسرائيل أمام المحكمة الدولية الجمعة (12 يناير/كانون الثاني) إنّ حرب غزة جاءت في إطار حقها الشرعي في الدفاع عن شعبها، متهمة حماس بأنها هي التي تمارس "الإبادة الجماعية".
وقال تال بيكر، رئيس فريق الدفاع عن إسرائيل في محكمة العدل الدولية ومقرها لاهاي، إنّ "جنوب أفريقيا قدمت للمحكمة، للأسف، حقائق وروايات قانونية مشوهة إلى حدٍ كبيرٍ".
وعرض بيكر مقاطع فيديو قال إنها تجسد "الفظائع" التي ارتكبتها حماس أثناء هجومها الذي شنته على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وزعم أنّ عناصر من حركة حماس "عذبوا أطفالاً أمام ذويهم وآباءً أمام أطفالهم وأحرقوا أشخاصاً واغتصبوا آخرين"، مشدداً على أن الرد الإسرائيلي يأتي في إطار الدفاع عن النفس ولا يستهدف المدنيين. وأكد أنّ "إسرائيل منخرطة في حرب دفاعية ضد حماس وليس ضد الشعب الفلسطيني".
وأشار أيضاً إلى أن قضية جنوب أفريقيا "تعتمد على توظيف مختلق ومجرد من السياق ومتلاعب به لواقع الأعمال العدائية الحالية"، منتقداً استخدامها مصطلح "الإبادة الجماعية" كسلاح ضد إسرائيل.
وقال حازم الضمور، مدير عام معهد ستراتيجيكس للدراسات والابحاث الاستراتيجية، لبي بي سي: "فيما يتعلق بدفاع إسرائيل عن نفسها في محكمة العدل الدولية، فقد تأسس ذلك الدفاع على مطالبة المحكمة بإسقاط القضية، ووصف حربها على غزة بالدفاع عن النفس ضد حماس والمنظمات الأخرى التي وصفتها بـ"الارهابية"، بالإضافة الى طعن إسرائيل بالأسباب الشكلية للدعوى وعدم توفر شروطها، وهو دفاع وصف بالركاكة والضعف من قبل خبراء قانونيين، في مقابل مرافعة جنوب افريقيا المتماسكة والمتينة والتي تم التحضير لها جيداً بالوثائق والصور والفيديو والشهادات والقوانين، والمبنية على حجج قوية حسب نفس الخبراء".
"وقف العمليات العسكرية فوراً"
من جانبه، طالب محامي جنوب أفريقيا في هذه القضية، تمبيكا نجكوكايتوبي، بوقفٍ فوريٍ للعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة الذي يبغ عدد سكانه حوالي 2.3 مليون فلسطيني، وهو الطلب الذي قد يستغرق تحقيقه أسابيع طويلة في حين يتوقع أن تستغرق القضية سنواتٍ حتى يُبَتّ فيها، وسط شكوكٍ حيال إمكانية التزام إسرائيل بما يصدر عن المحكمة من أوامر.
كما تضمنت عريضة الدعوى أنّ ما يحدث في غزة الآن يرقى إلى درجة "الإبادة الجماعية" وأنه جزء من "القمع" الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين على مدار عقود طويلة.
وقال نجكوكايتوبي "في ضوء حجم الدمار في غزة واستهداف المنازل والمدنيين، أصبحت الحرب حرباً ضد الأطفال. كل ذلك يلقي الضوء على أنّ نية الإبادة الجماعية ووضعها حيز التنفيذ، وهو ما يشير بوضوح إلى أن المستهدف من هذه الحرب هو تدمير الحياة الفلسطينية".
لكنّ دفاع إسرائيل رأى أنّ الطلب المقدم من جنوب أفريقيا يُعد "محاولة لمنع إسرائيل من ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها ضد ما تتعرض له من اعتداء".
ورجح الضمور أن الدعوى القضائية في حد ذاتها لن تكون في صالح إسرائيل على أي حال، قائلا: "في تقديري أنّ الحدث في حد ذاته ليس في صالح اسرائيل من النواحي السياسية والقانونية والصورة العامة التي حاولت إسرائيل أن تبنيها خلال ٧٠ عاما، وبغض النظر عن قرار المحكمة فإنه سمعة إسرائيل تتعرض للضرر، كما أنها لن تستطيع تجاهل القرار اذا كان ضدها، وسوف تضطر الى اجراء تغييرات في سياساتها وعملياتها في غزة".
صدر الصورة،AFP
التعليق على الصورة،
يرى محللون أن السلطات اإسرائيلية تشتم رائحة الخطر في دعوى "الإبادة الجماعية" المرفوعة ضدها أمام محكمة العدل الدولية
وأكد مدير مركز ستراتيجيكس للدراسات والابحاث الاستراتيجية أنه بالإضافة إلى أن الحدث سيشكل "سابقة" لقيام دول أخرى بتقديم دعاوي مماثلة، سواء لمحكمة العدل الدولية أو لمحكمة الجنايات الدولية، خاصة اذا جاء قرار المحكمة في سياق ادانة اسرائيل، حيث من المتوقع اصدار المحكمة تدابير احترازية ضد اسرائيل، حتى لو لم تتم ادانة اسرائيل بشكل واضح، وذلك خلال ثمانية أسابيع كحد أقصى".
ورغم عدم إصدار البيت الأبيض أي تعليق على الدعوى المرفوعة ضد إسرائيل، إلا أنّ المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني جون كيربي وصف ما جاء في دعوى جنوب أفريقيا بأنه "لا أساس له من الصحة".
وعادة ما تقاطع إسرائيل المحاكمات الدولية وتحقيقات الأمم المتحدة، واصفة تلك الإجراءات بأنها غير عادلة ومنحازة، لذلك يُعد تقدم إسرائيل للدفاع عن نفسها خطوة نادرة من قبل المسؤولين الإسرائيليين، الذين يخشون من أن يؤدي أي قرار من المحكمة الدولية بوقف فوري لإطلاق النار إلى الإضرار بموقف إسرائيل الحالي على المستوى الدولي.
يُذكر أنه في حالة إصدار محكمة العدل الدولية قراراً بوقف فوري لإطلاق النار في غزة وخالفت إسرائيل هذا القرار، فإنها قد تتعرض لعقوبات دولية.
وقال الضمور: "اعتادت اسرائيل على وصف هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك المحاكم الدولية، بالتحيّز لصالح أعداء اسرائيل، كما أنها عملت على مقاطعة محكمة العدل الدولية في مداولاتها بشأن جدار الفصل العنصري في عام 2004 بذريعة عدم الاعتراف بسلطة تلك المحكمة، لكن الأمر اختلف هذه المرة بعد الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا، وهذا بحد ذاته تحول لافت في الموقف الاسرائيلي، وربما يعود ذلك الى حجم التحولات الدولية المناوئة لإسرائيل بعد الحرب على غزة، وعدم قدرة اسرائيل على تجاهل تلك التحولات كما كانت تفعل سابقا"ً.