وفي أعقاب مقتل الرئيس السادات6 أكتوبر1981هرب العديد من كوادر الجماعة في موجة هروب جديدة إلي الغرب, ولكن هذه المرة كان الإخوان يعرفون طريقهم جيدا, وقد استفادوا من هجراتهم السابقة, وأصبحت لهم تنظيمات موجودة وجاهزة لاستقبال أي وافد جديد منهم, ومن خلال التنظيم الدولي, أعيد تنظيم العلاقات الواسعة لهم مع قيادات الجماعة في أنحاء العالم. وتولي مهدي عاكف, الذي خرج من السجن سنة1974 م, واستطاع الهرب إلي جانب مصطفي مشهور المرشد الخامس للجماعة قبل حملة اعتقالات سبتمبر1981 بأيام, ليتمركزا في ألمانيا, خاصة في ميونخ التي أسسا فيها المركز الإسلامي, الذي أشهر رسميا في مايو عام1982, ليكون مقرا لاجتماعات التنظيم الدولي تحت قيادة عاكف, الذي تولي مسئولية قسم الاتصال بالعالم الإسلامي أحد أهم أفرع النشاط في الجماعة, وهو ما مكنه من تكوين شبكة علاقات عالمية واسعة تجاوزت التنظيمات الإخوانية إلي غالبية التيارات الإسلامية, وضم الكثير منها إلي التنظيم الدولي مثل الحزب الإسلامي باس في ماليزيا وحزب الرفاه في تركيا, مستفيدا من علاقات قديمة ربطته مع أربكان صديقه القديم, كما ضم التنظيم الجماعة الإسلامية في باكستان, تلك الخطوة التي أعاد عاكف من خلالها توجيه نظر الأمريكان إلي أهمية دور الجماعة في حربها ضد الروس في أفغانستان.
الحرب بالوكالة
ومع قرار موسكو شن الحرب علي أفغانستان ديسمبر1979 م, وبالتعاون مع المخابرات الأمريكية, طوعت جماعة الإخوان نفسها كأداة طيعة في يد الولايات المتحدة في حربها الباردة ضد السوفييت, وتضافر الإخوان في مصر مع إخوانهم في أفغانستان, الذين أعلنوا عن قيام جبهة موحدة للجهاد ضد الروس تحت اسم الاتحاد الإسلامي لمجاهدي أفغانستان برئاسة عبد رب الرسول سياف3 مايو1982 م. فندد الإخوان باحتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان, كما أرسلوا الوحدات الطبية وبعض المجاهدين أمثال الشهيد كمال السنانيري وعبدالمنعم أبو الفتوح وغيرهم. ولم يكتف الإخوان بذلك, بل أجروا عدة حوارات مع قادة مجاهدي أفغانستان. وبحسب المخابرات الأمريكية فإن الإخوان استطاعوا جمع ثروة طائلة من عملهم كـمقاولي أنفار للولايات المتحدة, تلك الثروة التي قدرها الخبراء في واشنطن بـ60 مليار دولار, لا يعلم عنها شيئا سوي رجلين وهما: مصطفي مشهور, ومهدي عاكف المرشد العام السابق للجماعة.
أوباما والإخوان
في أبريل2011 كتب آيان جونسون في الـس س الأمريكية, ذلك الذي ذكر فيه إنه: في السنوات التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر غيرت الولايات المتحدة موقفها من الإخوان, حيث أعلنت من جانبها علي لسان جورج دبليو بوش أن الولايات المتحدة تواجه حربين الأولي مع العالم الإسلامي, والثانية في موجة الكراهية من قبل الأقليات الإسلامية في عدد من الدول الأوروبية مثل: ألمانيا وفرنسا ودول أخري, وعليه فقد وضعت إدارة بوش إستراتيجية في التعامل مع الجماعات القريبة إيديولوجيا من الإخوان, ولكن وزارة الخارجية الأمريكية لم تتنبه لبروز الإخوان كقوة سياسية إلا منذ عام2005 في مصر وفي دول أخري, وشرعت في بذل جهودها لخطب ودهم.
وفي نهاية التقرير حث إيان إدارة أوباما علي التعامل مع الإخوان المسلمين قائلا: منذ نصف قرن تعامل الغرب مع الإخوان لتحقيق مكاسب تكتيكية قصيرة الأمد, وبعدها دعم الغرب العديد من الحكومات المستبدة, التي حاولت أن تزيل جماعة الإخوان, والآن نري هذه الحكومات تترنح الواحدة تلو الأخري, فالغرب ليس لديه خيار فبعد عقود من الكبت تظهر واحدة من الجهات الفاعلة والدائمة والثابتة جماعة الإخوان المسلمين, وفي رؤيتها مزيج من الأصولية والأسلوب السياسي الحديث.. فالعلاقات بين الإخوان والبيت الأبيض موجودة وإن أنكر أوباما نفسه ذلك رسميا.