مرحبا بك في منتدى الشرق الأوسط للعلوم العسكرية

انضم إلينا الآن للوصول إلى جميع ميزاتنا. بمجرد التسجيل وتسجيل الدخول ، ستتمكن من إنشاء مواضيع ونشر الردود على المواضيع الحالية وإعطاء سمعة لزملائك الأعضاء والحصول على برنامج المراسلة الخاص بك وغير ذلك الكثير. إنها أيضًا سريعة ومجانية تمامًا ، فماذا تنتظر؟
  • يمنع منعا باتا توجيه أي إهانات أو تعدي شخصي على أي عضوية أو رأي خاص بعضو أو دين وإلا سيتعرض للمخالفة وللحظر ... كل رأي يطرح في المنتدى هو رأى خاص بصاحبه ولا يمثل التوجه العام للمنتدى او رأي الإدارة أو القائمين علي المنتدى. هذا المنتدي يتبع أحكام القانون المصري......

متابعة مستمرة الصراع الصيني الامريكي في افريقيا

Shokry

ولقلبي أنتِ بعد الدين دين
طاقم الإدارة
إنضم
18 نوفمبر 2021
المشاركات
20,813
مستوى التفاعل
77,626
المستوي
11
الرتب
11

Shokry

ولقلبي أنتِ بعد الدين دين
طاقم الإدارة
إنضم
18 نوفمبر 2021
المشاركات
20,813
مستوى التفاعل
77,626
المستوي
11
الرتب
11
image3-1-1-780x470.jpg

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

التغلغل الصيني في أفريقيا… الأبعاد والأهداف​

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
أرسل بريدا إلكترونيامايو 22, 2022
7 دقائق
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
مشاركة عبر البريد


أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يعمل على توفير حزمة تمويل بقيمة 20 مليار يورو (22.7 مليار دولار)؛ بهدف ضخ استثمارات في القارة الأفريقية من أجل دعم شبكات النقل، ومشروعات الطاقة، وعملية التحول الرقمي، وتعزيز قطاعي التعليم والصحة، فضلًا عن إنشاء ممرات استراتيجية، وكابلات بحرية دولية، وربط شبكات الطاقة الجديدة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة. وتهدف تلك الاستثمارات إلى مواجهة التمدد الصيني في القارة السمراء التي باتت زاوية مهمة في ساحة التنافس الدولي خلال السنوات الأخيرة؛ كونها تحتل موقعًا استراتيجيًا مهمًا وتمتلك نسبة كبيرة من الموارد الاقتصادية الهامة.
واستطاعت الصين أن تجعل لها موطئ قدم ثابتًا ومتشبعًا في القارة الأفريقية؛ عبر تقديم المساعدات التنموية وزيادة حجم التبادل التجاري، ولهذا لا تستطيع القوى الغربية أن تواجه الوجود الصيني في أفريقيا حتى الآن.

مظاهر النفوذ الصيني

استطاعت الصين تقوية علاقاتها الاقتصادية مع أفريقيا عبر العديد من القنوات مثل منتدى التعاون الصيني-الأفريقي الذي أُنشئ بمبادرة من بكين عام 2000، ومجلس الأعمال الصيني-الأفريقي الذي أنشئ في نوفمبر 2004 بغرض دعم استثمارات القطاع الخاص الصيني في عدد من الدول الأفريقية. وفيما يلي أبرز مظاهر البصمة الصينية في الدول الأفريقية:
• الشريك التجاري الأكبر لأفريقيا:
على مدار السنوات الماضية، برزت السلع الصينية كعنصر أساسي في الأسواق الأفريقية، فقد قامت الشركات الصينية بتصدير كميات متزايدة من المنتجات مباشرة إلى الأسواق الأفريقية، وهكذا استطاعت الصين أن تحافظ على مكانتها كأكبر شريك تجاري لأفريقيا منذ عام 2009 ولمدة 13 عامًا؛ فبلغت نسبة التجارة مع بكين نحو 21% من إجمالي التجارة الخارجية للقارة حتى عام 2020.
وتتضمن قائمة الصادرات الصينية إلى أفريقيا الآلات والإلكترونيات والمنسوجات والملابس والمنتجات عالية التقنية والسلع النهائية، فيما تتركز وارداتها من أفريقيا على السلع الأولية والمواد الخام والموارد الطبيعية كالنفط والحديد والقطن والألماس، فضلًا عن المنتجات الزراعية، حيث تعتبر الصين ثاني أكبر وجهة للصادرات الزراعية في أفريقيا.
وفي هذا السياق، حاولت الصين مساعدة الدول الأفريقية على توسيع صادراتها؛ فقامت بإعفاء عدد من السلع من رسوم الاستيراد، وأعفت نحو 25 دولة من التعريفات الجمركية المفروضة على حوالي 190 منتجًا كالمواد الغذائية والمنتجات المعدنية والمنسوجات. وقد انعكس ذلك على ارتفاع حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى مستويات قياسية بحلول عام 2021، حيث سجلت نحو 254 مليار دولار. وفيما يلي عرض لحجم التجارة منذ عام 2002 وحتى 2020:
ahOHLyz4WPf3BF4MheJNsIfbUa5OV2WSBtWJgaVxknCJZiExZPYjQT0i5bTw4minZfKcHl7RphTmFg-cvd9p9_jcpwXAWGZpqbJ-hNbYziC6oSNWCIBGfoxS_6W6OOKyG_j0dX2U4reGDQgB-Q

الشكل 1- حجم التبادل التجاري بين الصين والدول الأفريقية (مليار دولار)
وخلال عام 2020، احتلت جنوب أفريقيا المركز الأول في قائمة أكبر المصدرين الأفارقة للصين، تليها أنجولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، فيما ظلت نيجيريا أكبر مشترٍ للسلع الصينية، تليها جنوب أفريقيا ومصر. ومن المتوقع أن يزداد حجم التبادل التجاري بين الجانبين في المستقبل؛ إذ تشكل التجارة عنصرًا رئيسًا في الخطة المشتركة التي أصدرتها أفريقيا والصين في نهاية العام الماضي خلال اجتماع منتدى التعاون الصيني الأفريقي (FOCAC).
• تنامي حجم الاستثمارات: تشجع الصين شركاتها المحلية باستمرار على زيادة الاستثمار في أفريقيا، وبفضل هذه الاستثمارات، تمكنت البلدان الأفريقية من رفع مستوى التصنيع لديها، وتحسين صناعاتها، وزيادة قدرتها على كسب النقد الأجنبي من خلال الصادرات. وبحلول نهاية عام 2020، تجاوز الاستثمار المباشر للشركات الصينية في أفريقيا ما يقرب من 43 مليار دولار، وخلقت أكثر من 3500 شركة صينية في جميع أنحاء القارة بشكل مباشر وغير مباشر ملايين الوظائف للشعوب الأفريقية. ويُمكن الاستعانة بالشكل الآتي لعرض تطور الاستثمار الصيني في أفريقيا:
Ns8VFu8FYhKakbAPBPJ2JlpN2WrRwSevP5Y2KbTT4QSKlEded1dDzzRoN-HsEZojALV5YY00djquRIiy2-nfhmsyWMdA2KX7xFafehuXt8lLbmgH3yOTQ56xoSEiIZlIN0GDGyGYss9f9lWqOg

الشكل 2- الاستثمار الصيني في أفريقيا (مليار دولار)
وتستثمر الصين في مشروعات التعدين، ومعالجة المواد الخام، وتصنيع المعدات، والزراعة، ومجالات الاقتصاد الرقمي، كما يتبين تاليًا:
1. تدعيم البنية التحتية:
بلغ إجمالي الاستثمار الصيني في مشاريع البنية التحتية في أفريقيا ما يقرب من 200 مليار دولار خلال الفترة من عام 2016 إلى عام 2020، لتستحوذ المشروعات التي نفذتها الشركات الصينية على 31.4% من جميع مشاريع البنية التحتية في القارة الأفريقية خلال عام 2020. وعطفًا على ذلك، ساعدت بكين شركاءها الأفارقة على تحديث أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، و100 ألف كيلومتر من الطرق السريعة، وحوالي 100 جسر و100 ميناء.
2. تسهيل التنمية الزراعية: أعربت السلطات الصينية في الكثير من الأحيان عن استعدادها لمشاركة خبراتها في مجال التنمية الزراعية والتكنولوجيا مع أفريقيا لدعمها على تحسين الإنتاج الزراعي ومساعدتها في بناء سلاسل القيمة الزراعية الخاصة بها. وحتى الآن، أقامت الصين آليات تعاون زراعي مع 23 دولة أفريقية ومنظمة إقليمية، وبحلول نهاية عام 2020، كان لدى أكثر من 200 شركة صينية رصيد استثماري بقيمة 1.11 مليار دولار في القطاع الزراعي في 35 دولة أفريقية.
3. تحسين العملية التصنيعية: تدعم الصين البلدان الأفريقية في تحسين بيئتها الاستثمارية ودفع عملية التصنيع والتنويع الاقتصادي، وأنشأت آليات لتعزيز القدرة الصناعية في 15 دولة في أفريقيا، وساعدت في بناء العديد من المجمعات الصناعية بتلك الدول.
4. تعزيز الأمن الطاقوي: تعاونت العشرات من الشركات التي تمولها الصين مع نظرائها الأفارقة لبناء محطات الطاقة الكهروضوئية، بقدرة مركبة تراكمية تتجاوز 1.5 جيجاوات، مما ساعد في إنشاء سلاسل صناعة الخلايا الكهروضوئية في أفريقيا، مع تعزيز أمن الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
5. توسيع التعاون في الاقتصاد الرقمي: تساعد الصين الدول الأفريقية في القضاء على الفجوة الرقمية حيث شاركت الشركات الصينية في عدد من مشاريع الكابلات البحرية التي تربط أفريقيا وأوروبا وآسيا والأمريكتين، وتعاونت مع نظيرتها الأفريقية في تحقيق التغطية الأساسية الكاملة لخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية، وقد استثمرت شركة “هواوي” وحدها حوالي 1.5 مليار دولار وتوظف نحو 4000 عامل في أفريقيا.
• ترسيخ الروابط الاجتماعية: تعمل الصين على تعزيز التعاون مع أفريقيا في المجالات الاجتماعية التي تشمل الحد من الفقر والصحة والتعليم وحماية البيئة ومواجهة التغيرات المناخية. وحتى الآن، ساعدت بكين نحو 18 دولة أفريقية على إنشاء 20 مركزًا في تخصصات طبية مختلفة، وقدمت تسهيلات لحوالي 16 دولة أفريقية من أجل دمج اللغة الصينية في أنظمتها التعليمية الوطنية.
• زيادة المساعدات التنموية: تدعم الصين البلدان الأفريقية عن طريق تقديم مساعدات تنموية في شكل منح وقروض بدون فوائد أو قروض ميسرة، إذ بلغ إجمالي المساعدات الخارجية الصينية خلال الفترة بين 2013 إلى 2018 حوالي 270 مليار يوان، خُصص منها حوالي 45% للقارة الأفريقية. وخلال وباء كورونا، بدأت الصين في توفير اللقاحات لأفريقيا فقدمت حوالي 1.7 مليار جرعة إلى أكثر من 110 دولة ومنظمة، من بينها 50 دولة أفريقية ومفوضية الاتحاد الأفريقي.
• مشروع الحزام والطريق: أطلق الرئيس الصيني مبادرة “الحزام والطريق” عام 2013؛ بهدف إحياء طرق التجارة القديمة عن طريق إنشاء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، من أجل بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية لربط قارات العالم ببعضها البعض. وفي ضوء هذا المشروع، عملت الصين على إشراك أفريقيا بهدف توسيع المجال الاقتصادي لصالح الصين، وتمثل شرق أفريقيا محورًا مركزيًّا في هذا المشروع، وهو ما دفَع نحو التهيئة والاستثمار في البنية التحتية بالمنطقة.

أهداف اقتصادية متعددة

تسعى الصين بزيادة وجودها في القارة الأفريقية إلى الاستفادة من المواد الأولية المتوفرة فيها لاسيما المعادن، فضلًا عن استغلال السوق الأفريقية الضخمة لتستوعب منتجاتها واستثماراتها، وينبغي الإشارة إلى أنها لم تعتمد في ذلك على فرض النفوذ بالقوة، ولكنها استندت إلى مبدأ “القوة الناعمة”، وفيما يلي استعراض لبعض الأهداف الصينية من القارة السمراء:
• تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية:
تُعد أفريقيا من القارات الغنية بالموارد الطبيعية التي تتراوح بين الأراضي الصالحة للزراعة والمياه والنفط والغاز الطبيعي والمعادن والغابات؛ إذ تمتلك القارة 40% من احتياطي الذهب حول العالم وحوالي 90% من الكروم والبلاتين، وتوجد أكبر احتياطيات من الكوبالت والماس والبلاتين واليورانيوم عالميًا في أفريقيا، وأخيرًا، فهي تمتلك 65% من الأراضي الصالحة للزراعة، و10% من مصادر المياه العذبة على كوكب الأرض. وعلاوة على ذلك، تحتوي القارة الأفريقية على نسبة كبيرة من احتياطي النفط العالمي، والذي تبلغ نسبته حوالي 12%، وتستحوذ على نحو 10% من احتياطي الغاز الطبيعي العالمي.
ولهذا، تسعى الصين إلى تحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية والمعادن التي تتمتع بها الدول الأفريقية، فأبرمت –على سبيل المثال- بين عامي 1995 و2007 صفقتين رئيستين للانخراط في قطاع التعدين بأفريقيا بقيمة مجتمعة تبلغ 3 مليارات دولار، وخمس صفقات في قطاعي النفط والغاز بقيمة 3.9 مليار دولار.
وتوصلت السلطات الصينية إلى صفقة تقتضي الاستحواذ على 51% من أسهم شركة “ويزيو” للتعدين بجنوب أفريقيا، وبموجب الصفقة، تلتزم الصين بضخ استثمارات تقدر بنحو 877 مليون دولار في قطاع البلاتينيوم في البلاد. وبالإضافة إلى ذلك، يسيطر المستثمرون الصينيون على حوالي 70% من قطاع التعدين في الكونغو بعد اقتناص مشاريع مربحة في السنوات الأخيرة.
ويأتي التوجه الصيني للسيطرة على التعدين بأفريقيا في ظل خطتها الاستراتيجية للهيمنة على المعادن الأرضية النادرة، سواء على مستوى الإنتاج أو التصنيع أو معالجة المواد الخام وتكريرها وتصديرها، فلا تتمثل تلك الهيمنة فيما يُعرف بـ “جغرافية الاحتياطات” فحسب، رغم استحواذها على حوالي 38% من احتياطيات العناصر النادرة، واحتلالها المركز الأول في قائمة أكبر منتجي الأتربة النادرة حول العالم؛ ولكنها ترجع إلى استغلالها لقوتها العاملة منخفضة التكلفة نسبيًا، والقوانين البيئية غير المشددة للحصول على ميزة تنافسية في السوق العالمية، فضلًا عن ضخها استثمارات ضخمة في هذا القطاع، مع تطوير شبكة لتكرير المواد الخام، وتأميم صناعة الرواسب المعدنية الأرضية النادرة، بالإضافة إلى قيامها بتوقيع عقود التنقيب عن هذه المعادن في الدول الغنية بها لاستخراجها ومعالجتها، ثم تصديرها إلى بقية العالم.
• فتح أسواق جديدة: تهدف الصين بترسيخ روابطها الاقتصادية مع القارة الأفريقية إلى فتح أسواق جديدة أمام الصادرات الصينية؛ إذ تمثل أفريقيا أكبر سوق واعدة في العالم ويزيد سكانها على مليار نسمة، أي بما يمثل 17.5% من سكان العالم، ولهذا تُعد السوق الأفريقية سوقًا استهلاكية ضخمة.
ووفقًا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، من المتوقع أن يبلغ عدد سكان العالم نحو 9.688 مليار نسمة عام 2050 بنسبة زيادة سكانية قدرها 23.6% مقارنة بعدد سكان العالم خلال 2021، في حين سيصل عدد سكان قارة أفريقيا إلى 2.529 مليار نسمة بنسبة زيادة سكانية قدرها 84.2% مقارنة بعام 2021، ومن الملاحظ أن الزيادة السكانية في أفريقيا وحدها ستمثل الجانب الأكبر من الزيادة السكانية العالمية خلال الفترة (2021-2050).
وتمتلك السلع الصينية ميزة تنافسية مقارنة بباقي السلع الغربية بسبب تراجع تكاليف إنتاجها. وبالإضافة إلى الدوافع الصينية للبحث عن الموارد، فهي تستثمر أيضًا في أفريقيا من أجل إنشاء أسواق لمنتجاتها وخدماتها؛ ويرجع ذلك جزئيًا إلى المنافسة المتزايدة التي تواجهها الشركات الصينية في أسواقها المحلية. ومن ناحية أخرى، تتعطش الدول الأفريقية لجذب الاستثمارات الأجنبية إليها، لذلك باتت القوى الاقتصادية العالمية الكبرى، ومن بينها الصين تنظر إليها على أنها ملاذ آمن لاستقبال استثماراتها وسلعها وخدماتها.
• بسط نفوذها عبر سياسة الديون: تشكل القروض عنصرًا متزايد الأهمية في العلاقات الاقتصادية للصين مع أفريقيا؛ إذ تشير التقديرات إلى أن 62% من الديون الثنائية الأفريقية مستحقة لجهات دائنة صينية؛ فقد أقرضت الحكومة والبنوك الصينية أفريقيا حوالي 143 مليار دولار بين عامي 2000-2017. وساعدت القروض الصينية أفريقيا على تمويل استثمارات واسعة النطاق حيث غطت أكثر من 1000 مشروع في كافة أنحاء القارة، ولكن في ذات الوقت، أدت إلى تراكم أعباء خدمة الدين على الحكومات الأفريقية.
وفي هذا الشأن، واجهت بكين انتقادات متزايدة تتعلق بانتهاجها عن عمد “دبلوماسية فخ الديون”، والتي تعني فرض شروط قاسية على نظرائها وتكتب عقودًا تسمح لها بالاستيلاء على الأصول الاستراتيجية عندما تواجه البلدان المدينة مشاكل مالية لا تسمح لها بسداد ديونها، وهو ما يجعل تلك الدول أكثر انكشافًا للنفوذ الصيني، واستدل أصحاب تلك الانتقادات إلى التقارير التي أفادت باستيلاء السلطات الصينية على ميناء “هامبانتوتا” السريلانكي عندما تأخرت الدولة الواقعة في جنوب آسيا عن سداد مدفوعات ديونها.
• استغلال الموانئ الأفريقية: ينبغي الإشارة إلى أن الصين وجهت جزءًا من استثماراتها الأجنبية إلى الممرات البحرية وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة في الموانئ الاستراتيجية في أفريقيا، كتمويل وإنشاء أكبر منطقة تجارية في القارة، منطقة جيبوتي للتجارة الحرة الدولية (DIFTZ)، وضخ استثمارات في ميناء “لامو” بكينيا، وميناء “باجامويو” بتنزانيا، ومشروع ميناء “تاماتاف” في مدغشقر. وهكذا، استطاعت الصين أن تضع بصمتها في حوالي 17% من الموانئ الواقعة في أفريقيا جنوب الصحراء. وتهدف بكين بذلك إلى توسيع قوتها ونفوذها الجيوسياسي، فضلًا عن إحكام قبضتها على سلاسل التوريد والإمداد العالمية.
وفي الختام، تبين من التحليل السابق السعي الحثيث من قبل السلطات الصينية للتغلغل في جميع أنحاء القارة الأفريقية من أجل الاستفادة من موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية الثرية وعدد سكانها المتزايد بوتيرة مستمرة.

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
 

Shokry

ولقلبي أنتِ بعد الدين دين
طاقم الإدارة
إنضم
18 نوفمبر 2021
المشاركات
20,813
مستوى التفاعل
77,626
المستوي
11
الرتب
11
بلينكن في أفريقيا ليكشف النقاب عن استراتيجية أمريكية جديدة

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

بلينكن في أفريقيا ليكشف النقاب عن استراتيجية أمريكية جديدة​

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
رشا رمزى أرسل بريدا إلكترونياأغسطس 6, 2022
5 دقائق
وفقًا لإعلان الإدارة الأمريكية الصادر منذ أيام؛ سيتجه وزير الخارجية أنتوني بلينكن بمصاحبة وفد رفيع المستوى في جولة إلى ثلاث دول في أفريقيا في 7 أغسطس بدءًا من جنوب أفريقيا، وذلك وسط تصاعد التوترات الأمريكية مع الصين وروسيا في جميع أنحاء العالم، ليس على الجبهة الأوروبية فحسب، بل في شرق آسيا أيضًا.
وسيكشف بلينكن خلال هذه الجولة النقاب عن استراتيجية أمريكية جديدة طال انتظارها لأفريقيا جنوب الصحراء، والتي عمل عليها المستشار الخاص لمجلس الأمن القومي جود ديفيرمونت منذ العام الماضي. وتشمل جولة بلينكن بالإضافة إلى جنوب أفريقيا كلًا من جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا؛ وذلك للمساعدة في تهدئة التوترات المتصاعدة بين الجارتين في شرق الكونغو.

إهمال ترامب يتحمله بايدن

جاء الحياد الأفريقي بشأن حرب أوكرانيا على الرغم من ضغوط واشنطن لإدانة الغزو الروسي؛ كرد فعل على التباعد الأمريكي عن الساحة الأفريقية، والذي ورثته إدارة بايدن من سابقه. فبعد ثماني سنوات، استمرت الولايات المتحدة في خسارة قوتها أمام منافسيها في أفريقيا؛ بسبب سياسة الرئيس دونالد ترامب الذي رأى أن أفريقيا عبارة عن مجموعة من “الدول الصغيرة” والتي تحمل من المشاكل الكثير.
نتج عن هذه السياسة تفوق الصين التي أصبحت أكبر شريك تجاري للقارة منذ عام 2009. وفي الوقت نفسه، استمرت التجارة الثنائية في السلع مع الولايات المتحدة في الانخفاض من 72.6 مليار دولار عام 2014 إلى 62.3 مليار دولار 2021.
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

وبالمثل، تحرز موسكو تقدمًا؛ إذ يعمل مرتزقة مجموعة فاجنر الآن فيما يصل إلى 18 دولة أفريقية، وفقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في واشنطن. فضلًا عن أن الدبلوماسية الروسية تتعامل مع أفريقيا وفقًا لسياسات تنموية تحتاجها الدول الأفريقية وخصوصًا في ملف الطاقة ومساعدة الدول الأفريقية في الحصول على طاقة من المفاعلات النووية، مثل مصر والجزائر وإثيوبيا.
لذا قام وزير الخارجية سيرجي لافروف بجولة في مصر وجمهورية الكونغو وأوغندا وإثيوبيا في شهر يوليو الماضي؛ بهدفين هما: إلقاء اللوم على العقوبات الغربية في أزمة الغذاء في القارة وليس العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ومتابعة المفاعلات النووية الروسية.
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

من هنا كان رد الفعل الأمريكي هو تكثيف دبلوماسية الزيارات لكبار المسؤولين الأمريكيين للقارة الأفريقية التي بدأت بمسؤولة المساعدات الأمريكية سامانثا باور التي زارت مؤخرًا كينيا حليفة الولايات المتحدة التاريخية، بالإضافة إلى الصومال غير المستقر، حيث سلطت الضوء على تفاقم سوء التغذية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
ليأتي بعدها بلينكن يوم 7 أغسطس بوفد يضم كلا من مساعد وزير الخارجية لشؤون أفريقيا مولي في، وإينو تي إيبونغ مدير وكالة التجارة والتنمية الأمريكية، والدكتور جون نكينغاسونغ الرئيس السابق لمركز السيطرة على الأمراض الأفريقي الذي يتولى المنسق العالمي لمكافحة الإيدز في الولايات المتحدة لتعزيز خطة الرئيس للطوارئ للإغاثة من الإيدز (بيبفار).
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

وستتوجه السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، في أغسطس أيضًا إلى غانا وأوغندا؛ كل ذلك سيكون بمثابة الخلفية الرئيسة لقمة القادة الأفارقة في منتصف ديسمبر القادم التي سيستضيفها بايدن في واشنطن العاصمة، مما يعكس مدى الاهتمام الذي توليه الإدارة الأمريكية للدول الأفريقية في خطتها المستقبلية.
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

أهداف الزيارة

وفقًا لبيان الخارجية الأمريكية؛ تم الإعلان عن بعض الأهداف والموضوعات التي سيناقشها بلينكن، والتي عبر عنها تشكيل الوفد المصاحب له؛ فبلينكن سيتصدى لـ: وباء كوفيد -19، وتغير المناخ، والحرب في أوكرانيا، وتهدئة التوترات المتصاعدة بين الجارتين في شرق الكونغو. وأثناء وجوده في رواندا، سيثير بلينكن مسألة “الاحتجاز غير المشروع” للمقيم الدائم في الولايات المتحدة بول روسساباجينا، وهو صاحب الفضل في إنقاذ مئات الأرواح خلال الإبادة الجماعية عام 1994.
لكن هناك بعض الأهداف غير المعلنة، أهمها إلقاء اللوم على المنافس الروسي في الأزمات العالمية وخاصة أزمتي الوقود والغذاء والتي تأثرت بهما كل الدول الأفريقية؛ وبالتالي استقطاب كتلة كبيرة (55 دولة) للجانب الأمريكي. هذا بالإضافة إلى أن أداء إدارة بايدن في مأزق عالمي؛ إذ تواجه منافسة شرسة على الجبهة الأوكرانية، علاوة على الرفض والتهديدات الصينية المعلنة بخصوص زيارة بيلوسي لتايوان التي وصلت لاستعراض القوة من الجانبين الصيني والأمريكي.
وكذلك لا يخرج الجانب الاقتصادي من المسألة؛ فالدول الأفريقية تمثل سوقًا رائعة يمكن الاستفادة منها بطرق متنوعة. فعلى الرغم من اضطرابات السوق على مدى العقدين الماضيين؛ فإن المدن الأفريقية مثل دار السلام وجوهانسبرغ وداكار نمت بمعدلات هائلة، والمزيد من النمو يتطلب المزيد من رأس المال والاستثمار؛ لذا تعد مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية الجديدة بداية جيدة لهذا التعاون، بميزانية قدرها 58.5 مليار دولار سنويًا.
تحتاج أفريقيا إلى الاستثمار في حدود 80 مليار دولار سنويًا في البنية التحتية في المستقبل المنظور. وهو ما تعمل دول أخرى على توفيره بما في ذلك الصين وتركيا واليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية وأستراليا. ومن المتوقع أن يصل الإنفاق الاستهلاكي والتجاري في أفريقيا إلى 6.6 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، ارتفاعًا من 4 تريليونات دولار أمريكي عن عام 2015.
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

هذا بجانب أن أفريقيا أكثر من مجرد سوق استهلاكية أمريكية محتملة؛ فالدول الأفريقية لديها القدرة على أن تكون مركزًا صناعيًا لتلبية احتياجات المستهلكين الأمريكيين أيضًا؛ إذ تمتلك الدول الأفريقية ثروة من الشباب منخفضي الأجور بسبب ارتفاع معدلات البطالة؛ مما يترجم إلى قوة عاملة متاحة وراغبة؛ وبالتالي فيمكن أن تصبح مركزًا صناعيًا لدول العالم. على سبيل المثال، أنشأت موريشيوس، وهي واحدة من أوائل المشاركين في هذا المجال، منطقة تصنيع وفرت منتجات لصناعة الأزياء في أوروبا وأمريكا. كذلك تنزانيا وجنوب أفريقيا أصبحتا المكان المفضل لتصنيع سيارات مرسيدس ذات المقود في الجهة اليمنى.
وبرغم هذه الإمكانيات؛ لكن الشركات الأمريكية لم تقترب من خدش السطح فيما يتعلق بالفرص الاقتصادية؛ خلال إدارة كلينتون، أقرت الولايات المتحدة قانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA)، والذي يوفر الأفضلية التجارية للسلع والبضائع من أفريقيا. بينما قامت كل إدارة رئاسية أمريكية منذ ذلك الحين بتمديد قانون أجوا، لم يحدث الكثير لتقديم حوافز أخرى (أو دفع) للشركات الأمريكية للاستفادة من هذه الميزة. نتيجة لذلك، حلت الصين محل الولايات المتحدة بوصفها الشريك التجاري الأول لأفريقيا.

آمال أفريقية في هذه الزيارة

الموقف الأفريقي من قضية أوكرانيا وما تبعها من الاعتراض على التفرقة العنصرية في التعامل مع ضحايا الحرب وخصوصا الأفارقة؛ كل ذلك يعكس وعيًا أفريقيًا بمدى أهمية الكتلة الأفريقية دوليًا، ورفض أي معاملة لا تتسم بالندية. وبالتالي يمكن للدول الأفريقية ألا تقبل معاملة أقل من المعاملة بندية، والذي يمكن أن يظهر في تغيير التعامل الأمريكي في القارة من صيغة المانح إلى صيغة الشريك، عبر تدابير وإجراءات ملموسة للتعاون الدولي متبادل المنفعة، وهو يمكن أن يحدث وفقًا للتالي:
1 – يمكن لمجموعات مثل مجلس الشركات في أفريقيا تقديم رؤى قيّمة حول كيفية التعاون التجاري وفقًا لمبدأ Win/Win. إلى جانب حث وزارة التجارة والممثل التجاري للولايات المتحدة على جعل أفريقيا أولوية أعلى.
2 – العمل على تحفيز الولايات المتحدة للمساعدة على التوسع في توطين الصناعات الدوائية في الدول الأفريقية خصوصًا جنوب الصحراء بمستلزماتها، وليس توفير اللقاح فقط.
3 – تحفيز رأس المال الأمريكي للدخول في مجال التعدين والطاقة؛ وهو ما سبقتها فيه كل من روسيا بالطاقة النووية والصين بالطاقة الشمسية، فضلًا عن المعادن مثل الجرافيت الذي يمثل معدنًا ضروريًا لإمدادات الطاقة العالمية سواء لتكنولوجيا البطاريات أو تكنولوجيا الطاقة الشمسية، باتت الصين أكبر مصدر له، فيما توجد أكبر احتياطيات عالية الجودة له في البلدان الأفريقية، وخاصة تنزانيا.
على أن يبدأ هذا بالتمويل و / أو الشراكة مع الشركات الأمريكية التي تريد، ويجب أن تكون موجودة في القارة. أو بتحفيز أمريكا للوفاء بتعهدها الذي قامت به عن طريق شركة Power Africa باستثمار وإنتاج 20000 ميجا وات من الكهرباء في أفريقيا بحلول عام 2020؛ لكن وفقًا للإحصاءات بلغت الطاقة الفعلية 4194 ميجا وات فقط في نهاية عام 2020، أي أقل من ربع ما وعدت به الشركة.
4 – تنشيط المساعدات الأمريكية لمكافحة الإرهاب الذي تعاني منه أغلب دول وسط أفريقيا من الشرق للغرب.
5 – تقديم بعض النوايا الحسنة مثل دعم بنك القارة الأفريقية للوفاء باحتياجات القارة التنموية وخصوصًا في البنية الاساسية؛ وهو ما يدعم دينامية الديمقراطية الأمريكية، إذا لم ترغب الولايات المتحدة في التنازل عن المزيد من الأراضي لصالح الصين.
6 – تقديم ما يفيد حسن إدارة الأموال الممنوحة والشراكات من إجراءات تحد من الفساد الإداري والمالي.
وبدون الضغط من موقف قوة لن تخرج الاستراتيجية الجديدة عن سابقاتها في الإدارات الأمريكية السابقة؛ والتي تمثلت في وعود ليس إلا.

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
 

Shokry

ولقلبي أنتِ بعد الدين دين
طاقم الإدارة
إنضم
18 نوفمبر 2021
المشاركات
20,813
مستوى التفاعل
77,626
المستوي
11
الرتب
11
image2-1-780x468.jpg

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

سباق الجولات: الجولة الأفريقية الثانية لأنتوني بلينكن​

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
أرسل بريدا إلكترونياأغسطس 7, 2022
6 دقائق
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
مشاركة عبر البريد


بعد جولته الآسيوية التي تضم كمبوديا والفلبين لحضور الاجتماع الوزاري بين الولايات المتحدة ورابطة دول جنوب شرق آسيا، واجتماع وزراء خارجية قمة شرق آسيا، والمنتدى الإقليمي لرابطة أمم جنوب شرق آسيا، والتي بدأت في الثاني من أغسطس الجاري؛ يواصل وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” مسيرته إلى القارة الأفريقية في جولة تضم كلًا من جنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية ورواندا في الفترة من 7 حتى 12 أغسطس.
وتعد هذه هي الجولة الثانية لأنتوني بلينكن إلى أفريقيا بعد تلك الأولى التي أجراها في نوفمبر 2021، شملت كلًا من كينيا، نيجيريا، السنغال، في سياق التحديات التي شهدها الدور الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي لتثبيت الأمن والاستقرار، وكذلك التراجع الديمقراطي الذي شهدته منطقة غرب أفريقيا.
وتأتي هذه الجولة في سياق تصاعد التنافس الروسي الغربي من جهة والصيني الغربي من جهة أخرى؛ بما ألقى بصداه على القارة الأفريقية، التي باتت محط أنظار القوى الدولية التي تسعى إلى استقطاب أفريقيا في معارك النافس الدولي كحليف يمكن أن يسهم انحيازه لطرف في ترجيح كفته، أو كساحة يسهم التحرك في إطارها تحجيم نفوذ الخصم الاستراتيجي؛ بدلًا من اعتبارها قوة لتشكيل المستقبل العالمي.

السياق الاستراتيجي

في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي ” جو بايدن” عن عقد قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا في واشنطن في ديسمبر المقبل لمناقشة قضايا واسعة؛ لتعزيز العلاقات الاقتصادية، وتعزيز الديمقراطية، ودفع السلام والأمن، ومعالجة القضايا العالمية، وتهديدات الصحة والمناخ والأمن الغذائي؛ جاءت جولة وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” إلى أفريقيا، والتي ضمت مصر والكونغو وأوغندا وإثيوبيا، في محاولة لفك طوق العزلة الغربي المفروض على روسيا، ومحاولة النأي بالنفس عن التورط في أزمات الطاقة والأمن الغذائي.
وبدوره، سارع الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” إلى انتهاز التوقيت الحاسم؛ لإجراء جولة أفريقيا في غرب أفريقيا، في سياق التراجع الاستراتيجي للدور الفرنسي في مناطق نفوذه التقليدية؛ مع صعود المؤشرات على احتلال روسيا لمناطق الفراغ الفرنسية. في هذا الصدد؛ أجرى ماكرون جولة بدأت في 25 يوليو، شملت كلًا من الكاميرون، بنين، غينيا بيساو؛ في محاولة لإعادة صياغة الدور الفرنسي في المنطقة.
وتتزامن تلك الزيارة مع جملة من الجولات المختلفة، بما في ذلك جولة “سامانثا باور” مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في يوليو الفائت؛ حيث زارت كينيا والصومال، تزامنًا مع الأزمات الإنسانية والأمنية في المنطقة، حيث تعهدت بتقديم 470 مليون دولار إلى الصومال؛ للمساعدة في مواجهة الأزمات الناجمة عن الجفاف؛ فضلًا عن إعادة التأكيد على التزام الولايات المتحدة بمكافحة الإرهاب وعدم الاستقرار في القرن الأفريقي.
وتوجهت كذلك السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة “ليندا توماس جرينفيلد” إلى أوغندا وغانا والرأس الأخضر، الأربعاء الماضي (4-8 أغسطس)؛ حيث تواجه تلك الدول أزمات تتعلق بحالة الأمن الغذائي؛ بسبب الارتفاع الكبير في تكلفة الغذاء والطاقة؛ فمن المقرر أن تقابل “جرينفيليد” في غانا أحد المزارعين وكذلك مصنع للحبوب، للنظر في آليات دعم الإنتاج؛ لكون غانا صاحبة تجربة رائدة في التعامل مع الأمن الغذائي.
وفي مطلع العام الجاري، بدأ وزير الخارجية الصيني زياراته الخارجية بأفريقيا، في تقليد للخارجية الصينية منذ 32 عامًا؛ بوضع أفريقيا في مقدمة الوجهات التي يزورها أكبر دبلوماسي في البلاد، كجزء من أجندته السنوية. وتوجه حينها إلى كلٍ من إريتريا وكينيا وجزر القمر.
ويرتبط السياق الاستراتيجي الأوسع بالمنافسة الدولية بين القوى الكبرى، والتي تجلت أبرز ملامحها في الحرب الروسية الأوكرانية؛ فبرزت أفريقيا كفاعل ومفعول به في آن واحد؛ إذ حضرت فاعلًا كان حضوره وسلوكه التصويتي في المنظمات التي ترسخ قواعد النظام الدولي ذا أهمية محورية بالنسبة للغرب الذي أراد تقويض الحضور الروسي وصورته على الساحة الدولية، لكن في محاولة للرفض الأفريقي للانحياز امتنعت 35 دولة عن التصويت. كذلك رغم أهمية القارة الاستراتيجية، إلا أن هشاشة الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية، وضعف التنمية واستمرار اعتمادها على الشركاء الاستراتيجيين في تمويل التنمية؛ جعلها عرضة لهزات الاقتصاد العالمي.

جدول الأعمال

من المفترض أن يتوجه بلينكن إلى جنوب أفريقيا في الفترة من 7 – 9 أغسطس، حيث من المقرر إطلاق استراتيجية الولايات المتحدة لأفريقيا جنوب الصحراء، والتي تعزز وجهة نظر الولايات المتحدة بأن البلدان الأفريقية لاعبون استراتيجيون وشركاء مهمون في القضايا الأكثر إلحاحًا؛ من تعزيز نظام دولي مفتوح ومستقر، إلى معالجة آثار تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي والأوبئة العالمية لتشكيل المستقبل التكنولوجي والاقتصادي.
وفي بريتوريا، من المقرر أن يترأس الوفد الأمريكي الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا؛ لتعزيز وتعميق التزام الولايات المتحدة بالتعاون الثنائي بشأن القضايا العالمية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الأولويات المشتركة، بما في ذلك الصحة والبنية التحتية والتجارة والاستثمار والمناخ. هذا فضلًا عن الانضمام في جوهانسبرج للاحتفال باليوم الوطني للمرأة، وفقًا لجدول الزيارة.
وفي الكونغو الديمقراطية (9-10 أغسطس)، سيناقش بلينكن مجموعة واسعة من القضايا محل الاهتمام المشترك؛ حيث سيلتقي مع كبار المسؤولين الحكوميين وأعضاء المجتمع المدني؛ لمناقشة ضمان انتخابات حرة ونزيهة في عام 2023 وتعزيز احترام حقوق الإنسان وحماية الحقوق والحريات. هذا فضلًا عن مكافحة الفساد ودعم التجارة والاستثمار ومعالجة أزمة المناخ، وبناء المرونة الزراعية، ودعم الجهود الإقليمية الأفريقية لتعزيز السلام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ومنطقة البحيرات العظمى.
وفي المحطة الأخيرة في رواندا (10-12 أغسطس)، يلتقي المسؤولين الحكوميين وأعضاء المجتمع المدني، لمناقشة الأولويات المشتركة، بما في ذلك حفظ السلام والدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومة الرواندية للحد من العنف المستمر في شرق الكونغو، فضلًا عن مناقشة المخاوف المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، بما في ذلك القمع العابر للحدود والحدّ من مساحة المعارضة السياسية بما في ذلك قضية اعتقال المعارض بول روسسابجينا، المقيم في الولايات المتحدة، والذي لعب دورًا مهمًا خلال الإبادة الجماعية 1994.
7MVnDhHngA0Ve0oasHavRfN9jj5sq6iTUkMmBZZPHZvK3tZeWSEcy7nPpFJ7ukechbr916s9fC3cLP8hgNVF38YrMuishIC7727y8ia9tQT_IQIaPGCPkU8_fAlIKftO-mDFkASzTqAh2v8WHQL0dQ

الأهمية الاستراتيجية

أجمع المسؤولون الذين توجهوا إلى أفريقيا على رواية واحدة مفادها أن هذا التقارب لا يهدف إلى منافسة ولا مزاحمة الخصوم، وإنما هو انعكاس وتأكيد للمكانة الاستراتيجية الأفريقية والمصلحة المشتركة للطرفين. لكن لو كان الأمر هكذا، لما لجأ الجميع إلى التبرير والتأكيد؛ إذ يدرك الأفارقة أنفسهم موقعهم من النظام الدولي وتحولاته الراهنة، بما يمنحهم فسحة لتنويع الشركاء الاستراتيجيين دعمًا لأهداف التنمية المستدامة، والبحث عن شركاء أنداد، دون أن يكونوا محصورين في الانحياز لشريك على حساب الآخر. وفي هذا السياق تواجه استراتيجية الولايات المتحدة حيال أفريقيا خلفية وثوابت بحاجة إلى إعادة النظر.
  • تبني استراتيجية براجماتية
على الخلاف من تلك الرواية؛ تثبت الاستراتيجية الأمريكية المرتبكة حيال أفريقيا تخبطها إزاء صياغة استراتيجية واضحة وفقًا للمصالح الاستراتيجية المشتركة؛ إذ برزت أفريقيا في الاستراتيجية الأمريكية للأمن القومي في عهد الرئيس السابق “دونالد ترامب” كساحة للتنافس الروسي الصيني. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل تبنى ” ترامب” سياسات معادية للأفارقة، بما في ذلك التصريحات المسيئة وقرار منع مواطني بعض الدول الأفريقية من دخول الولايات المتحدة، بما ساهم في تقويض المكانة الأمريكية في أفريقيا.
ووفقًا للاستراتيجية السابقة التي أصدرها مستشار الأمن القومي السابق “جون بولتون”، أعلن الرئيس الأمريكي السابق، تخفيض الانخراط العسكري الأمريكي في القارة، بما في ذلك “الأفريكوم” و”الانخراط الأمريكي في الصومال”، للتفرغ لمواجهة الخصوم الاستراتيجيين.
وانطلقت تلك الاستراتيجية من رؤية واقعية مفادها تعزيز مبدأ المعاملة بالمثل وتعزيز قدرات الشركاء الاقتصاديين الأفارقة في الاعتماد على أنفسهم، كذلك إعادة صياغة الجهود الأمنية والمساعدات التنموية، بما يسمح لقيادة الأفارقة لجهود الأمن والتنمية بأنفسهم.
  • استعادة المكانة الاستراتيجية
تنطلق تلك الواقعية من الإقرار بأهمية أفريقيا كشريك يمكن إقامة شراكات على قدم المساواة معه وليس فقط تقديم المنح والمساعدات، ذلك انطلاقًا من الاعتراف بالأهمية التجارية والاقتصادية لأفريقيا، وليس فقط لمنافسة الخصوم.
وفي إطار التقديرات الواقعية لأهمية إعادة الانخراط في أفريقيا، أعاد الرئيس الحالي التأكيد على الالتزام الأمريكي حيال الشركاء الأفارقة، واتجه نحو تبني جملة من السياسات المنافية لسياسات سلفه، بما في ذلك المُضي في إعادة النظر في الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبها سلفه. وبعد تراجع الاهتمام في عهد “ترامب”، رفع الرئيس الحالي “بايدن” شعار “أمريكا عادت” خلال حملته الانتخابية.
لكن رغم ذلك، لا تزال المقاربات المتبعة حيال قضايا الديمقراطية والسلام، في ظلّ التحديات الأمنية والسياسية التي تعاني من القارة؛ تعكس تشبث السياسية الأمريكية بمؤشرات الديمقراطية والحكم الرشيد، كشرط مسبق للتعاون، بما يفقدها فرصًا يقتنصها خصومها الاستراتيجيون.
فارتباطًا بذلك، أكدت الحملة الانتخابية لبايدن على التزامها بدعم الانتخابات في أفريقيا دعمًا للديمقراطية، هذا فضلًا عن إعادة تنشيط الشراكة مع أفريقيا، لما تتمتع به من اقتصاديات واعدة؛ كذلك التأكيد على لعب الدبلوماسية الأمريكية دورًا فيما يتعلق بمواجهة التغير المناخي والأمراض والأوبئة، وسوء الإدارة والغذاء والماء وانعدام الأمن الصحي.
في ضوء ذلك، تم تعيين مبعوث أمريكيًا لمنطقة القرن الأفريقي العام الماضي، لمباشرة المصالح الأمريكية في تلك المنطقة الحيوية، وكذا تمّ إعادة الانخراط العسكري مع الصومال، وتحاول الإدارة الأمريكية تكثيف النشاط الدبلوماسي مع القارة.
في الأخير، لا يمكن اعتبار الزيارات وحزم المساعدات الطارئة بديلًا عن استراتيجيات طويلة المدى تأخذ المصالح الأفريقية بعين الحسبان بوصفها شريكًا عالميًا ضمن النظام الدولي الذي تعاد صياغة قواعده؛ فالنظام الدولي القائم على القواعد الذي تروج له الرواية الغربية لضمان الانحياز الأفريقي لمعارك النفوذ الدولي يجب أن يعترف بالمساهمة الأفريقية في مستقبل التنمية والاقتصاد العالمي.
وتأتي الاستراتيجية الجديدة التي يأتي بها الوزير الأمريكي في ضوء الوعود الانتخابية الرئاسية بإعادة الالتزام من جديد من أفريقيا، لكن يتعين أن تسفر أية استراتيجية جديدة عن الوفاء بالمصالح الاستراتيجية المشتركة للطرفين، بعيدًا عن سياق التنافس والاستراتيجيات المجزأة؛ وهو ما سيتضح في الأفق القريب، مع انكشاف الخطوات التنفيذية لتلك الاستراتيجية، وقمة القادة الأفارقة التي وعد بها بايدن من قبل ومقرر عقدها في واشنطن في ديسمبر المقبل.

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
 

Shokry

ولقلبي أنتِ بعد الدين دين
طاقم الإدارة
إنضم
18 نوفمبر 2021
المشاركات
20,813
مستوى التفاعل
77,626
المستوي
11
الرتب
11
unnamed-6.jpg

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

مستقبل الدور الصيني في أزمات منطقة القرن الأفريقي​

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
أرسل بريدا إلكترونياأبريل 8, 2022
4 دقائق
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
مشاركة عبر البريد
يُحاول هذا التقرير استشراف مستقبل الدور الصيني في أزمات منطقة القرن الأفريقي في ضوء المعطيات المتعلقة بتعيين مبعوث صيني للقرن الأفريقي، الذي قام بجولة مكوكية لدول المنطقة خلال شهر مارس 2022؛ فقد زار المبعوث الصيني عددًا من الدول أبرزها: إريتريا وإثيوبيا وجيبوتي والصومال وكينيا؛ لتعزيز الروابط مع هذه الدول، والتباحث في القضايا ذات الاهتمام المُشترك، وكذلك جس نبض هذه الدول بشأن مُقترح صيني لإنشاء “منظمة اتحاد دول القرن الأفريقي”، ومن المُقرر الإعلان عن هذه المنظمة خلال شهر يونيو المقبل.
وتُبرهن التحركات الصينية على مدى أهمية هذه المنطقة لدى صانع القرار الصيني، وأن هناك رغبة صينية في الانخراط بشكل نشط في قضايا القرن الأفريقي، ولكن علينا أن نوضح أن هذا الانخراط في أزمات المنطقة سيكون بشكل براجماتي؛ أي بما سينعكس على تعظيم المصالح الاقتصادية الصينية في هذه المنطقة.

تحول لافت بشأن الدور الصيني في المنطقة

هناك مساعٍ صينية إلى تشبيك العلاقات مع دول القرن الأفريقي على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، وهنا نطرح عددًا من التساؤلات بشأن التحول الذي طرأ على النهج والتوجه الصينيين في علاقاتها الخارجية؛ إذ إن نهج بكين يتسم بعدم التدخل في الشأن الداخلي، لكن نجد أن هناك تحولًا وتغييرًا في عقلية صانع القرار الصيني إزاء التفاعلات الخارجية، ويُمكن الاستدلال على ذلك من خلال استعراض النقاط التالية:
• نهج صيني جديد: من خلال المُبادرة التي تقدمت بها الصين لإنشاء منظمة “اتحاد دول القرن الأفريقي” كآلية لتسوية النزاعات التي تهدد استقرار دول المنطقة. وهنا نلاحظ أن الصين تُبادر بإنشاء منظمة وليس مجرد عقد مؤتمر، وهو ما يعنى أن المنظمة لها صفة الديمومة والاستمرارية، وهو ما يعكس الرغبة الصينية في الانخراط في تسوية الخلافات في دول المنطقة بالطرق السلمية؛ إذ إن السلام والأمن شرطان مسبقان للتنمية.
• توقيت المبادرة: نجد أن الإعلان عن المبادرة الصينية جاء في توقيت بالغ الأهمية؛ إذ إن الصبن عملت على توظيف حزمة العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على عدد من دول المنطقة، أبرزها: إريتريا وإثيوبيا والصومال، والتي تمثل فرصة للصين للإعلان عن هذه المبادرة، والتعهد بتقديم مساعدات مالية وضح استثمارات متنوعة لها، وهو ما يُعزز العلاقات بين الصين ودول المنطقة. ولذلك قد لاقت هذه المبادرة استحسانًا من قبل الدول الأفريقية التي زارها المبعوث الصيني، وهو ما يعني أن هناك فرصة للمبعوث الصيني للقيام بالجهود الدبلوماسية البناءة لحلحلة أزمات المنطقة، وهو ما سينعكس على حماية المصالح الصينية.
• ملامح المبادرة: بحسب التقارير المتداولة، فإن الصين تسعى إلى تعزيز حضورها في المنطقة من خلال انتهاج دبلوماسية القوة الناعمة، التي ترتكز على توحيد عملة الدول التي تنضم إلى اتحاد دول القرن الأفريقي، وإعفاء من رسوم التأشيرات بينهم، وإنشاء خطوط سكك حديدية ومواصلات تربط بين عواصم هذه الدول. وتهدف هذه السياسة إلى تنشيط التعاون الاقتصادي والتجارة البينية بين هذه الدول، وسينعكس ذلك على رفع معدلات النمو وتحسين مستوى المعيشة لمواطنيها، وهو ما سيؤدى إلى الاستقرار السياسي، وتقليل فرص اندلاع أزمات في هذه الدول.

هل ستنجح الصين في حلحلة أزمات المنطقة؟

وفقًا للرؤية الصينية، فإن السلام والأمن في منطقة القرن الأفريقي ركيزة أساسية لاستقرار التنمية والتجارة الدولية، ولكن نجد أن هناك عددًا من الأزمات يهدد استقرار المنطقة، وهو ما يؤثر سلبًا على المصالح الصينية هناك؛ إذ تشهد المنطقة عددًا من الأزمات أبرزها: الصراع في الداخل الإثيوبي بين الحكومة الإثيوبية وقوات جبهة تحرير شعب تيجراي، وتزايد الهجمات الإرهابية في الصومال والتي تتبنها حركة الشباب الإرهابية مُستغلة الخلافات السياسية وتعثر المسار الانتخابي، فضلًا عن التوتر في العلاقات بين إثيوبيا ودولتي المصب (مصر والسودان) بشأن عدم التوصل إلى اتفاق مُلزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
ونرى أن الصين ستعتمد على توطيد علاقاتها مع دول المنطقة من خلال القوة الناعمة، وعدم فرض توجهات بعينها باسم الديمقراطية أو حقوق الإنسان، وهو ما يُحفز دول المنطقة للتعاون مع الجانب الصيني، وسيشكل فرصة للصين للقيام بدور بنّاء في أزمات المنطقة، وفيما يتعلق بأبرز الأزمات الجارية في منطقة القرن الأفريقي، والدور الصيني المُتوقع حيالها، يمكن استعراضها على النحو التالي:
• الأزمة في الداخل الإثيوبي
: نجد أنه من المُرجح أن يُوجه المبعوث الصيني اهتمامه تجاه إثيوبيا على اعتبار أن الصين لديها استثمارات ضخمة في هذا البلد، فقد قامت الصين بتمويل خط سكك حديدية من أديس أبابا إلى جيبوتي، إلى جانب توسيع مطار أديس أبابا؛ إذ إن الصين توجه استثماراتها بشكل كبير في قطاع البنية التحتية. وفى ضوء المُعطيات السابقة، قد يقوم المبعوث الصيني بجهود وساطة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وحركة تيجراي، حتى لا تتجه الأمور في إثيوبيا الى وضع لا يمكن السيطرة عليه، وتجنب سيناريو تفكيك الدولة، وهو ما سينعكس على الحفاظ على المصالح الاقتصادية والاستثمارية الصينية في إثيوبيا.
الأزمة السياسية في الصومال: من المُحتمل أن يعمل المبعوث الصيني على تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية الصومالية لحل الأزمة السياسية وإتمام عملية الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتقديم الصين المزيد من المساعدات العسكرية إلى الصومال؛ للمساعدة في محاربة الإرهاب، وهو ما سينعكس على استقرار الأوضاع الأمنية بشكل نسبي، وتراجع وتيرة العمليات الإرهابية.
أزمة سد النهضة: لا تحتل هذه الأزمة أولوية في أجندة المبعوث الصيني المٌعين إلى القرن الأفريقي، ويمكن تفسير ذلك بأن الصين تتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع الدول الثلاث، لذلك لا ترغب في الانجرار إلى النزاع بين الأطراف التي تربطها بها علاقات وثيقة، لكن نجد أن هناك فرصة مُحتملة للدبلوماسية الصينية للقيام بدور الوساطة في هذه الأزمة الخلافية للتوصل الى حل وسط يرضى جميع الأطراف، وهو ما يساعد على تخفيف حدة التوترات بين الدول الثلاث.
وفى الختام، يُمكن القول إن الصين تسعى إلى تعزيز دورها من خلال ” دبلوماسية الوساطة”، والتأكيد على أن هذا الدور يُحقق التوازن بين التوجه المُعلن بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وطموحاتها في أن تكون ثُقلًا دبلوماسيًا يتمتع بالمصداقية، مع تأمين مصالحها الاقتصادية في القرن الأفريقي. في حين أن محاولاتها للقيام بذلك قد تواجه عقبات من جانب الجهات الدولية الفاعلة في المنطقة، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
 

Shokry

ولقلبي أنتِ بعد الدين دين
طاقم الإدارة
إنضم
18 نوفمبر 2021
المشاركات
20,813
مستوى التفاعل
77,626
المستوي
11
الرتب
11
image1-3-780x470.jpg

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!

الحضور الصيني في الصومال.. الدوافع والمآلات​

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
أرسل بريدا إلكترونياأبريل 3, 2022
5 دقائق
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
مشاركة عبر البريد


تحاول الصين زيادة نفوذها في منطقة القرن الأفريقي باستخدام أدواتها الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية؛ في محاولة منها لملء الفراغ الذي نشأ بفعل تضاؤل النفوذ الأمريكي في المنطقة. فهناك اهتمام صيني بمنطقة القرن الأفريقي، وقد برهنت على ذلك من خلال تعيين مبعوث خاص مطلع عام 2022 لتعزيز الاستقرار الدائم والسلام والازدهار في القرن الأفريقي، وهو ما يُشكل فرصة سانحة للصين لتوطيد علاقاتها بدول المنطقة، وبلا شك سينعكس ذلك على زيادة الاستثمارات الصينية في المنطقة.
وتحاول هذه الورقة تناول الحضور الصيني في واحدة من أهم دول منطقة القرن الأفريقي، وهي دولة الصومال، ويأتي ذلك في ضوء زيارة المبعوث الخاص لشؤون القرن الأفريقي بوزارة الخارجية الصينية شيويه بينغ إلى الصومال في السابع عشر من مارس 2022، وقيامه بعقد مُباحثات مع الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو ورئيس الوزراء محمد حسين روبلي. ولا يُمكننا أن نغفل الموقع الاستراتيجي المُتميز الذي يتمتع به الصومال، فهو يطل على ممرات مائية تلعب دورًا مهمًا في حركة التجارة العالمية، وهو ما يُحفز الصين لتعزيز علاقاتها بالصومال، وذلك لعدد من الاعتبارات. ويحاول التقرير معرفة أبعاد التقارب الصيني- الصومالي، وتناول دوافع هذا التقارب، واستشراف مستقبل الحضور الصيني في منطقة القرن الأفريقي.

أبعاد الاهتمام الصيني بالصومال

يبرز الاهتمام الصيني بالصومال من خلال عدَّة محاور تتمثل في أبعاد مختلفة، ويمكن استعراضها على النحو التالي:
– البُعد الدبلوماسي: نظرًا للموقع الجغرافي المُتميز الذي يتمتع به الصومال، اهتمت الصين بتعزيز العلاقات مع الصومال من خلال عقد لقاءات رفيعة مع المسؤولين الصوماليين، ويتضح ذلك من خلال زيارة المبعوث الصيني الخاص لشؤون القرن الأفريقي شيويه بينغ إلى العاصمة مقديشو في 17 مارس 2022، لبحث العلاقات الصومالية الصينية وسبل تعزيزها وتطويرها في كافة المجالات.
وكذا تمّت مُناقشات بين وزير الخارجية والتعاون الدولي الصومالي عبد السعيد موسى علي ونظيره الصيني وانغ يي في 23 مارس2022، لتعزيز العلاقات التاريخية والتعاون بين البلدين على كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والتنموية. والتأكيد على أن العلاقة بين البلدين ترتكز على مبادئ احترام السيادة الإقليمية والسياسية وعدم التدخل في الشأن الداخلي. ونجد أن الصين تعمل على تعزيز حضورها من خلال آلية المساعدات الإنسانية، وهو ما يمكنها من التغلغل الناعم، وهو ما يبرهن على أن الصين عازمة على لعب دور يتسم بالديناميكية في الصومال.
البعد الأمني والعسكري: تسهم الصين في دعم قوات حفظ السلام الأفريقية الموجودة في الصومال وتزويدها بمعدات عسكرية متطورة للحفاظ على الأمن والاستقرار، وتحرص الصين كذلك على مكافحة القرصنة في منطقة شرق أفريقيا، والتي قد تعرض المصالح الصينية التجارية المارَّة في خليج عدن ومضيق باب المندب للخطر.
ونجد كذلك أن الصين تعمل على رفع قدرات المؤسسات الأمنية الصومالية، وقد اتضح ذلك جليًا في قيام الصين بتزويد الحكومة الصومالية بمعدات عسكرية في مارس 2022، وهو ما يساعدها في حربها ضد الجماعات الإرهابية وعلى رأسها حركة الشباب الإرهابية. وبلا شك أن استقرار الأوضاع الأمنية في الصومال، سينعكس بشكل إيجابي على المصالح الصينية هناك.
– البُعد الاقتصادي: تحرص الصين على تعزيز العلاقات الثنائية مع الصومال لحماية مصالحها الاقتصادية في منطقة القرن الأفريقي، ويتجلى ذلك في الحرص على أمن الملاحة في الممرات المائية، توفير الحماية لسفنها التي تمر من خلال مضيق باب المندب، وهو ما يساعد على تأمين احتياجات الصين من المواد الخام والطاقة، والتي تعد الركيزة الأساسية للاقتصاد الصيني؛ إذ إن منطقة القرن الأفريقي مليئة بالنفط والغاز الطبيعي، وهو ما يدفع الصين إلى توطيد علاقاتها بدول المنطقة.

دوافع التقارب الصيني – الصومالي​

1 – مُزاحمة الولايات المتحدة: عملت الصين على استغلال تضاؤل الاهتمام الأمريكي بالصومال على كافة الأصعدة؛ العسكرية والسياسية والاقتصادية، ويمكن توضيح مؤشرات تراجع الاهتمام الأمريكي بالصومال على النحو التالي:
  • الصعيد العسكري: يتضح من خلال انسحاب القوات الأمريكية من الصومال مطلع يناير 2021، وذلك في ضوء القرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسحب حوالي 700 من أفراد القوات الخاصة الأمريكية من القواعد العسكرية في الصومال، وهذا القرار انعكس بشكل سلبي على الأوضاع الأمنية في البلاد؛ إذ ارتفعت وتيرة الهجمات الإرهابية التي تشنها حركة الشباب.
  • الصعيد السياسي: نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية تقتصر في مُعالجة الأزمات في الداخل الصومالي على انتهاج آلية فرض العقوبات كوسيلة للضغط على الأطراف الصومالية، فقد قامت الولايات المتحدة في فبراير 2022 بفرض عقوبات على شخصيات صومالية على خلفية تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهو ما يُقوض العملية الديمقراطية في الصومال.
  • الصعيد الاقتصادي: وذلك يتضح في المؤسسات المالية الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة كصندوق النقد الدولي، فقد أعلن في فبراير 2022 أنه قد يقوم بوقف برنامجه التمويلي في الصومال في خلال ثلاثة أشهر إذا تعثر المسار الديمقراطي في الصومال، وتأجلت الانتخابات الصومالية مرة أخرى.
ويمكن القول إن إخفاق الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع أزمات الصومال قد مثّل فرصة أمام الصين للاضطلاع بدور نشط في الصومال، فالصين لا تعتمد في علاقاتها مع الصومال على مبدأ المشروطية السياسية، وهي حريصة كذلك على دعم الأجهزة الأمنية الصومالية، وهو ما يُمثل فرصة سانحة لتنامي الدور الصيني الذي يحظى بقبول الأطراف السياسية الصومالية، وهو ما يعنى أن نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية سيشهد تراجعًا نسبيًا في مقديشو.
2 – إجهاض محاولات “أرض الصومال” لتوثيق علاقاتها بتايوان: تسعى الصين إلى كسب ود الحكومة الصومالية الفيدرالية لإجهاض محاولات “أرض الصومال” لتوثيق علاقاتها بتايوان؛ فالعلاقات المتنامية بين جمهورية أرض الصومال، التي أعلنت استقلالها عن جمهورية الصومال بشكل مُنفرد، وتايوان التي تعدها الصين جزءًا من أراضيها، قد أثارت تحفظ كلٍ من الصين والصومال.
والجدير بالذكر أن سياق المباحثات المُشتركة التي تمت في الآونة الأخيرة بين الجانب الصيني والجانب الصومالي تزامن مع الزيارة التي قام بها رئيس أرض الصومال إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في محاولة منه لكسب ود الإدارة الأمريكية؛ بهدف الحصول على الاعتراف الدبلوماسي بأرض الصومال في مقابل تقديم تسهيلات لوجستية للولايات المتحدة لاستخدام الموانئ.
وبلا شك أن الزيارة التي قام بها رئيس أرض الصومال قد أثارت انزعاج الحكومة المركزية الصومالية، التي عدّت الزيارة بمثابة استقواء بالخارج للتدخل في الشأن الداخل الصومالي، وهو ما حفز الحكومة الصومالية للتعاون مع الحكومة الصينية، وإرسال رسالة إلى الجانب الأمريكي مفادها أن الحكومة الصومالية لديها مساحة للحركة والمناورة وتنويع شركائها، وأن الزيارة التي قام بها رئيس أرض الصومال لن تنال من وحدة وسيادة الدولة الصومالية.

مستقبل الحضور الصيني في منطقة القرن الأفريقي​

في هذا الجزء من التقرير، نحاول أن نستشرف مستقبل الحضور الصيني في منطقة القرن الأفريقي في ضوء المعطيات المتعلقة بتعيين مبعوث صيني للقرن الأفريقي، وهو ما يعد مؤشرًا في غاية الأهمية ويبرهن على مدى أهمية هذه المنطقة لدى صانع القرار الصيني، وأن هناك رغبة صينية في الانخراط بشكل نشط في قضايا القرن الأفريقي، ولكن علينا أن نوضح أن هذا الانخراط في أزمات المنطقة سيكون بشكل براجماتي، أي بما سينعكس على تعظيم المصالح الاقتصادية الصينية في هذه المنطقة.
وعلينا توضيح نقطة في غاية الأهمية هي أنه في عام 2007، قامت الصين بتعيين مبعوث خاص للشؤون الأفريقية، وعمل هذا المبعوث على التوسط لحل أزمة دارفور التي تقع في الإقليم الغربي للسودان؛ ونذكر هذا المثال لسببين: السبب الأول هو معرفة كيف عالجت الصين هذه الأزمة، أما السبب الثاني وهو أن هذا المثال سيساعدنا على التنبؤ بالموقف الصيني حيال الأزمات الجارية في منطقة القرن الأفريقي.
فقد اتسم الموقف الصيني العام تجاه أزمة دارفور بالعمل على انتهاج سياسة التوازن بين المصالح الصينية الواسعة في السودان، خاصة الاقتصادية منها، وبين مصالح السودان الاستراتيجية مع القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تبنت موقفًا متمايزًا عن النهج الصيني المُتبع لحل هذه الأزمة.
ونجد أن وجهة نظر الصين وموقفها تجاه قضية دارفور تتمحور حول أن الحل السياسي هو الحل الوحيد الممكن للقضية، ويرتكز على جمع الأطراف السياسية السودانية التي تتمثل في الحكومة السودانية ومختلف الفصائل المسلحة المعادية للحكومة والمنظمات الشعبية المعنية حول طاولة المفاوضات للتفاهم بشأن التسوية السلمية للأزمة، وهو ما سيضع حدًا لمعاناة سكان دارفور. بينما نجد أن النهج الذي اتبعته الولايات المتحدة الأمريكية حيال أزمة دارفور ارتكز على ممارسة الضغوط السياسية وفرض العقوبات الاقتصادية.
وفي الختام، يُمكن القول إن الصين تحاول انتهاج سياسة خارجية نشطة تجاه دول القرن الأفريقي بشكل عام، وفي الصومال بشكل خاص، وهذه السياسة ترتكز على ضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية، وتأمين هذه الاستثمارات من خلال تعزيز التعاون مع المؤسسات الأمنية وتقديم كافة الخدمات الأمنية والانخراط بشكل دبلوماسي لحل الأزمات السياسية، وهو ما يسهم في الحفاظ على استقرار الأوضاع الأمنية في هذه الدول، وبلا شك سينعكس بشكل إيجابي على المصالح الصينية.

من فضلك, تسجيل الدخول أو تسجيل لعرض المحتوي!
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن

أعلى أسفل