- إنضم
- 30 يوليو 2022
- المشاركات
- 950
- مستوى التفاعل
- 2,988
فاعليات الهجوم الاستدراجي الروسي ضد الهجوم المقابل الأوكراني في خاركييف
الهجوم المقابل الأوكراني
بدء بهجمات استطلاعية لكشف المكامن الدفاعية الروسية الأمامية في مناطق إقليم خاركييف التي كانت تحت السيطرة الروسية، حيث أمطرت المكامن الدفاعية الروسية بنيران المدافع والراجمات الأوكرانية، بإدارة وتوجيه من وسائط الكشف والمراقبة الجوية الأوكرانية والأقمار الصناعية الأمريكية والتي كانت قد كشفت من قبل مواطن انتشار دبابات ومدرعات والأليات الروسية المنتشرة في الأماكن المفتوحة خارج الأماكن الحضرية، والتي استهدفت أيضاً بسيل من القذائف الصاروخية الذكية الذاتية التوجيه أطلقتها راجمات هيمارس وملرس الأمريكية إضافة إلى قذائف إكسكاليبور الذكية الخاصة بمدفعية المارينز المقطورة الأمريكية وكان الهدف من ذلك إجهاض القدرة الروسية على تنفيذ الهجمات الارتدادية الدفاعية أو الانضمام بالدفاع إلى خطوط الدفاع الأمامية، وهنا بدء الهجوم الأوكراني المقابل الصاعق الاختراقي المتتابع الزخم الذي انتشر بأماكن السيطرة الروسية كانتشار النار في الهشيم في كل الاتجاهات بطريقة سريعة وإرباكيه، وهو ما أجبر الروس المنسحبين والفارين من الجبهة الأمامية على الاختباء بالبيئات الحضرية من مدن وقرى وبلدات لخلق جيوب مقاومة دفاعية أكثر مناعة وصمود من الأماكن المفتوحة، وهو ما مكن القوات الأوكرانية من التقدم بأمكن السيطرة الروسية المفتوحة حتى وصلت إلى عمق 50 كم بمساحة تزيد عن 1000 كم مربع مع الوصول إلى تخوم مدينة كوبيانسك الاستراتيجية، ولكنها هناك قوبلت بهجوم عكسي نفذه تشكيلات روسية من قوات الاحتياط الهجومية الدخيلة، التي كانت منتشرة على الحدود الروسية الأوكرانية، والتي أعادت القوات الأوكرانية للخلف 20 كم تحت تأثير النيران المباشرة والضربات الجوية الروسية المنتظمة وحمم النيران المدفعية المباعدة، ونفذت روسيا هجومها بهذا الموضع العميق لتكون خارج مدى تأثير عموم القذائف البعيدة المدى الذكية.
إلا أن الأوكران أعادوا تجميع صفوفهم بعد دحرهم، وانضمت لهم تشكيلات هجومية جديدة وافواج مدفعية بدأت نيرانها تمهد لهجماتهم الارتدادية وهو ما دفع الروس إلى التراجع إلى إقليم لوهانسك جنوباً حيث يتشكل هناك خطوط دفاعية موازية لمناطق السيطرة الأوكرانية، ودفعت روسيا بتعزيزات إضافية من الحدود الروسية الشرقية لإعادة تشكيل حائط صد لتقدم القوات الأوكرانية.
الهجوم الاستدراجي الروسي
لو لاحظنا بعناية للمجريات الميدانية نجد الروس واثناء اندفاع القوات الأوكرانية قد شكلوا خط موازي في إقليم الدونباس من الناحية الجنوبية يمتد على طول مساحة السيطرة الأوكرانية أي 30 كم وليس 150 كم كما يدعي الأوكران بخيالهم الخصب، لأن الروس بدئوا في مصباح العاشر من أيلول بالخطوات الأولى للعملية العكسية وشكلوا خط دفاعي جديد من قوات الاحتياط الروسي الحدودية من الناحية الشرقية أوقف اندفاع الأوكران، وتعمل روسيا على تعزيزه بقوات إضافية قادمة من الحدود الروسية بشكل موازي لقدوم تشكيلات الدعم الهجومية للأوكران من أجل تجديد الهجوم، وكانت مهمة الخطوط الدفاعية الروسية الأولية هو إيقاف تقدم الهجمات الأوكرانية ثم إبعادها عن خط التماس الجنوبي والشرقي مسافة عشرة إلى عشرين كيلومتر من كل اتجاه وذلك بالاعتماد على نيران مدفعية الهاون وفوهات مدافع الدبابات واسكات مدافع الأوكران بالمسيرات الهجومية.
ولإجبار الأوكران على الانكماش ووقف الهجوم بطريقة نهائية بدء نشاط القصف المدفعي والضربات الجوية بشكل منهجي كان الغرض منه إجبار القوات الأوكرانية على الاختباء بالأماكن الخضرية من مدن وبلدات وقرى، وبدأت روسيا بضرب التجمعات الأوكرانية في الأماكن المفتوحة بالمدفعية الصاروخية، وقامت ليلاً باستهدافها السكنات أو مراكز التجمع السكنية العسكرية بصواريخ إسكندر المجنحة والبالستية العالية الدقة، والتي بدأت أيضاً باستهداف البنية التحتية للقوة المهاجمة الأوكرانية، والمتمثلة بمستودعات ومخازن الأسلحة الأساسية والفرعية، ومخازن الوقود ووسائل النقل اللوجستية إلى غير ذلك والغاية من ذلك هو شل القدرة القتالية والحركية للقوات المهاجمة الأوكرانية، أما الهدف من حصر القوات الأوكرانية داخل الأماكن الحضرية هو ليسهل تنفيذ إنزالات مظلية ضخمة واقتحامات جوية بالحوامات القتالية الناقلة للقوات المجوقلة.
ولكن غالباً ليست للقوات المجوقلة الروسية VDV إنما لفيلق الاقتحام الثالث المتطوع بشكل مظلي لأنه سوف يأتي من ضواحي موسكو ولفيلق الاقتحام الرابع الشيشاني، بالحوامات لما لهذين الفيلقين من خاصية القتال الاقتحامي الاحترافي في الأماكن الحضرية.
وتدعو اليوم روسيا السكان المدنيين في مناطق السيطرة الجديدة الأوكرانية إلى الإخلاء والمغادرة رغم أن ضربات الروس لا زالت دقيقة وجراحية وإنما تفعل لتفادي حدوث إصابات كبيرة بين السكان أثناء حرب الشوارع الحضرية.
الخلاصة التحليلية:
يزعم الأوكران أن نجاح هجومهم في إقليم خاركييف أنه كان نتيجة خديعة تكتيكية، مفادها الحشود الكبيرة المضللة في إقليم خيرسون، والتي دفعت الروس إلى أرسال أفضل قواتها المدافعة في خاركييف فرقة مدرعة وأخرى ميكانيكية مع أحدث الدبابات والمدرعات التي كانت هناك، ثلثي القوات الروسية المدافعة مع ثلاثة أفواج دفاع جوي من أصل أربعة!
إضافة أن روسيا لم تعوض نقص قوات المدافعين الكبيرة إنما قامت بتحويل فرقة مشاة البنادق المتبقية إلى فرقة ميكانيكية، وهذا ما يوصف اليوم بالأخطاء القيادية الروسية.
والحقيقة أن خلق هذا الفراغ الدفاعي لم يكن خطأ، إنما هو طعم لاستجلاب القوات المهاجمة الأوكرانية التي كانت تفوق القوات المدافعة الروسية في خاركييف خمسة مرات فكيف وقد أصبحت تفوقها بخمسة عشر ضعف!
وحشد خيرسون لم يكن خداعي كما يدعي الأوكران، بل كان حشد لتنفيذ هجوم موازي سوق له الإعلام الغربي بالنجاح بالهجوم المتزامن مع هجمات خاركييف، إلا أنه تحول لكارثة قتالية تكبد به الأوكران أكثر من 2000 قتيل وأكثر من 8000 إصابة ميدانية.
وحتى هجوم أوكرانيا الاختراقي الناجح في خاركييف، نتج عنه نتيجة ضربات مدافع الهاون والمدفعية المباعدة الميدانية والمدفعية الصاروخية وكثافة الضربات الجوية الدقيقة الروسية خلال ثلاثة أيام مقتل أكثر من 4000 أوكراني وحدوث أكثر من 8000 إصابة.
واليوم مع حملة الضربات الجوية والصاروخية التكتيكية والمدفعية الميدانية والصاروخية البعيدة ضد البنية التحتية للقوات المهاجمة الأوكرانية يتم تحيد بشكل وسطي يومي لنجو 1500 جندي أوكراني بين قتيل وجريح.
وهذا ولم يبدأ الهجوم الانتقامي الروسي بعد.
وقبل أن ننهي هذا المقال نقول قد يسأل سائل لما أطلقت روسيا هذا الطعم وسعرت الاعلام السلبي تجاهاها وقوت البروباغندا الإعلامية الغربية بتحقير القوة الروسية، وفشل قيادتها وإهانة هيبتها وإحباط الحالة المعنوية وقتل التفاؤل والآمال الواعدة بروسيا الاتحادية عند كثير من شعبها ومؤيديها؟!
وللإجابة على ذلك نقول: إن تحقير القوة الروسية وتشويه سمعتها بالإعلام الزائف والموجه بالادعاءات الكاذبة وتلفيق التهم الباطلة ومحاولة السعي إلى إهانة روسيا قائم منذ بدأت هذه الحرب، حتى أنه لما وعيت القيادات العسكرية الأمريكية للفخ الروسي الحالي للقوات الأوكرانية المهاجمة بدأت التسوق الاعلامي للخسائر الأوكرانية من الآن بالاعتراف بأن الخسائر الأوكرانية كانت كبيرة في هذه الحرب وأنها بلغت عشرات الآلاف والغاية من ذلك محاولة التقارب النسبي من روسيا دبلوماسياً، ومن ناحية أخرى إلحاق الخسائر الحالية اليومية والخسائر الضخمة المتوقعة لاحقاً بخسائر الفترة الماضية أي خلال سبعة أشهر في محاولة استباقية لتحجيم وتبديد آثار النجاح الميداني الروسي الكبير المتوقع، وفي الساحة السياسية والتأثير الدولي، متناسين أن خسائر الأوكران الكارثية المتوقعة من قتلى وجرحى وأسرى سوف تكون هذه المرة بقبضة القوات الروسية، التي أتوقع أنها سوف تظهرها عيناً للعالم.
وربما تكون القيادات الأوكرانية وهذا وارد جداً قد وعيت للفخ الروسي، ولكن كبرياء الأوكران وبعد التضخيم الإعلامي لانتصارات أوكرانيا والكذب المفتوح، لم يمنعها من تنفيذ انسحاب تكتيكي في محاولة للنجاة من براثن الفخ الروس فحسب بل سوف يجبرها إلى إرسال قوات إضافية لمناطق الفخ الروسية في محاولة للنجاة من المخطط المحكم الروسي، فلننتظر لنرى فإن غداً لناظره لقريب.
التعديل الأخير: