منقووول #
على عكس كل التقارير و التصريحات الصحفية, اmريكا لن تمانع في اقتحام روسيا لأوكرانيا, و لا حتى ستمانع عودة الاتحاد السوفيتي ذاته, و ذلك لو كان الثمن هو دعم الروس للموقف الاmريكي ضد الصين, التي تعتمد ادارة بايدن على القيم المشتركة بين أmريكا و باقي دول العالم لمواجهة التنين الصيني,
و القيم المشتركة التي تتحدث عنها إدارة بايدن هنا هي الدين, و الذي يرى بايدن أنه في حالة الوصول لاتفاق مع أصحاب الديانات السماوية الثلاث, فإن هذا سيمهد للوصول الى موقف موحد ضد الصين, مما يعني أن القضاء على الصين سيكون مسألة وقت فقط لا أكثر!
و لكي تصل أمريكا لهذا الموقف, فهي مطالبة بعدد كبير من التنازلات التي ستقدمها لعدة أطراف دولية في ملفات عديدة, منها على سبيل المثال روسيا و ايران, و اللتين ترى فيهما واشنطن مصدر الطاقة الأهم للصين في الوقت الحالي,
و كذلك تسويات عادلة لأطراف أخرى في قضايا ملحة تمس أمنهم القومي, كما يحدث مع مصر في ملفي سد النهضة و ليبيا, و الخليج مع ايران, و العرب و المسلمين في ملف فلسطين, و الذي قد تقوم فيه إدارة بايدن بعمل تاريخي "غير مسبوق" للحسم و اعلان الدولة الفلسطينية, كخطوة تنسيقية في صراعها الأهم ضد الصين!
لذلك علينا أن نرى المقترحات الروسية للتهدئة, و التي تم رفضها اعلامياً من جانب اmريكا, على أنها الثمن الذي تريده روسيا لا لوقف التصعيد في الملف الأوكراني فحسب, و لكن للنظر في دعم أmريكا ضد الصين أيضاً, و هي مقترحات تتبلور حول احترام مناطق النفوذ الحيوي الروسي, و القبول بالتمدد الروسي في جغرافيا الاتحاد السوفيتي السابق, و عدم استخدام القوى الأهلية ضد بعضهما البعض, بما يعني تفريغ الثورات الملونة من محتواها,
و رغم الرفض الأmريكي, غير أن هذا الرفض يأتي تحسباً لدراسة رد فعل الاتحاد الأوروبي باعتباره الطرف الخاسر في معادلة التفاهم الأmريكي الروسي, و هذا ما يمثل المعضلة السياسية الاmريكية الحالية, فهي لا تعرف من تهادن و من تعادي, و ترغب في التصالح مع كل الابراهيميين, و لا تريد التحيز لطرف على حساب آخر, كما أن تجربتها في قيادة العالم منذ بداية تسعينات القرن الماضي لم تكن مبشرة أبداً,
لذا فهي ترغب في صياغة معادلة سياسية دولية جديدة تسمح لها بترك بعض النفوذ لعدد من القوى الاقليمية, في مقابل خلق أدوات لتأديب هذه القوى عند الحاجة, هي تريد أن تضع في كل اقليم عصا و جزرة, و لو كان هذا الرأي خارجاً عن القانون الدولي و كافة مواثيق الأمم المتحدة, أي أنها قد توافق على طلبات هذه القوى المرحلية في مقابل بقاء أدوات التأديب لاستخدامها فيما بعد!
هذا هو السبب في بقاء كافة القضايا الدولية بلا حسم, و هذا هو السبب في خلق مواقف دولية تبدو كثيراً أكبر من قدرات بعض الدول, فمواقف أوكرانيا في مواجهة روسيا مثلاً لا تتناسب على الاطلاق مع الفوارق الاستراتيجية الضخمة بين الطرفين, و يتكرر نفس الأمر مع دول مثل اثيوبيا و ايران و حتى استراليا و تايوان اللاتي بدأتا في استفزاز الصين اعلامياً بشكل ملحوظ مؤخراً!
المهم أن الصراع الأmريكي الصيني اليوم هو الهدف الرئيسي لكل ما يحدث على سطح الأرض, هذه المعركة قد تكون هي المعركة الأولى التي تخوضها أmريكا دفاعاً عن نفسها و عن مصالحها, بعد عدد كبير من المعارك التي خاضتها بوصفها "أمين شرطة" الكوكب فقط, خاصة و أن لغة الأرقام لا تسفعها أبداً في ظل النمو الصيني المرعب, و كذلك فيما يثار حول اقتراب الصين من علاج أزمتها الرئيسية في نقص الطاقة, و الأنباء الواردة عن اكتشاف آبار ضخمة من الغاز و البترول في بحري الصين الجنوبي و الشرقي,
و هو ما يعني أن الصين في طريقها للسيطرة على ما يكفيها من موارد طاقة, أي أن ما تستورده من دول العالم من غاز و بترول سيتوقف و يصب في خانة النمو الاقتصادي المتزايد بشراسة, و كل ما تحلم به أmريكا اليوم هو منع الصين من الوصول لهذه الموارد, و حصارها استراتيجياً و اجتماعياً عبر الترويج للمصطلح الابراهيمي, و اقتصادياً عبر تشجيع العديد من دول العالم على فسخ تعاقداتها مع الشركات الصينية, و هذا هو الخبر الأبرز في كل المواقع الاقتصادية في الربع الأخير من عام 2021.
و في النهاية, علينا أن نعي أن الحرب قادمة قادمة, ما تفعله أmريكا يتمحور في هدفين فقط, الأول هو حرمان الصين من حلفائها الأبرز (روسيا – ايران), و الثاني هو حرمانها من شركائها الاقتصاديين في كل دول العالم, و لو تحقق لها هذين الأمرين, فإن مواجهة الصين ستكون مع العالم أجمع و ليس مع أmريكا وحدها,
و الله أعلم,
#لعبة_الشطرنج_الدولية
#الصراع_القادم